الأحد، 31 مارس 2013

موسى


" ته دلالاً..ته دلالاً..ته دلالاً"

يغمض عينيه ويبتسم ويحرك يديه إلى الأعلى، يقع قلبها تحت الكرسي الذي تجلس عليه مشدوهة فلا تلتفت إلى أن تلتقطه من على الأرض.

المنشد يتغنى بحب الله والنبي، كلام صوفي يقطر الحب في حروف ويسكبه ف مكبر الصوت فينطلق لفضاء المسرح ويطير حولها وحول الحضور.

تسقط الحروف فوق القلوب الشغوفة، تتخلل مسام الجلد وتطير الكلمات لتحلق فوق راقص الفرقة الأساسي.

يرتدي الأحمر، يجذب اللون الناري الكلمات لتندمج مع حركاته، يرفع يده فتختفي كلمات الحب داخل الطيات، يبتسم ويرفع وجهه للسقف فيذوب الحب على ملامح وجهه ويتنشق هو الصفاء ويدور، ويدور، ويدور.

تنظر له، مشدوهة، مبهورة، تجلس في الصف الثاني على الجانب الأيسر، تضع يدها على قلبها الذي عاد لمكانه، تثبت يديها فوقه كي لا يثب مرة أخرى، لو وثب قلبها مرة أخرى لن تنحني وتفوت راقص المولوية لتلتقط قلبها، سوف يتوه وسط الأرجل ربما يتدحرج حتى قدميه ويدوسه بحذائه الجلدي الأسود عالي الرقبة.

قلبها ينتفض، مع كل حركة يأتي بها الراقص ينتفض، من هذا المعتوه الذي اختار فاروق الفيشاوي ليقوم بدور الراقص في فيلم ألوان السما السبعة؟؟

لا يشبهه هذا الراقص في شيء، هو نحيل، ملامحه منحوتة، أنفه شامخ ونحيل البنية، أسمر أم هذا هو تأثير الضوء؟؟

ما إسم هذا الساحر؟؟

- موسى..موسااااااااااااااااا

يلتفت ناحيتها، جاء صوت الهاتف من الصف الذي تجلس فيه، تنسى تثبيت يدها على القلب فيثب، تنحني لا كي تلتقط قلبها، تنحني فقط حتى لا تصيبها النظرة، تلتقط قلبها وتنظر ناحيته، يضع يده على قلبه ويحني رأسه ليحيي من ناداه بإسمه، ويبتسم.

يعلو التصفيق، تلتهب يديها، تطير الارتجافات منها ناحيته، يترك خشبة المسرح وينزل، يتوجه ناحية الجمهور، تلمسه الارتجافات التي طارت منها، يتحمس ويبتسم، يدور بقوة أكبر وتتتابع أنفاسها بقوة.

يمشي وسط الجمهور، لا يتجه ناحيتها، تتابعه بنظراتها ويستمر الإنشاد

"ته دلالاً..ته دلالاً..ته دلالاً"


.......إنجي إبراهيم.........

القصة مهداه لصديقتي الجديدة عزة عبد المنعم..فلولاها ما طرت على أجنحة الدلال :)

الأربعاء، 27 مارس 2013

أنا أبتسم يارب

في هذه اللحظة تحديداً أنا ضعيفة جداً، مستنزفة بالكامل وأشعر أن حياتي لحظة حاضرة طويلة، طوييييييييييييييييلة بلا أمل في الانتهاء، ولا رغبة في التقدم ولا قابلية للتراجع.

ولا حتى حق في السقوط أرضاً.

اليوم كان ممل إلى أقصى حدود الملل، جالست عقلي كثيراً، إنتهكت قلبي وأدرت كل الاحتمالات في ذهني وتبادلت مع نفسي حواراً مطول كنت أشرك فيه أشخاص وهميين/حقيقيين، الخلاصة أنه كان يوماً يسحق أن يعاقب بالشيفت ديليت من حياتي.

الآن، أشعر أنني خارجة من معركة تم ضربي فيها بكل موديلات الأحذية الممكنة، ولم يفلح الدش الدافيء في نفض الكآبة عن روحي.

وتبعاً لطريقتي الجديدة في تمرير الأيام، أقتنص لحظات الرضا وأخبر بها نفسي وأسجلها حتى تغدو مرجعاً في طريقة شكري لله.

مثلاً يمكنني أن أمتن لله لأنه أرسل لي سائق تاكسي يوصلني من سيدي جابر للعصافرة ويأخذ عشرة جنيهات فقط، أليست تلك معجزة؟؟ المشوار استغرق حوالي نصف ساعة وكنت قد أعطيته عشرون جنيهاً ونزلت من التاكسي، كنت أقف في انتظار أن يتحرك من أمامي لأعبر الشارع فوجدته يمد لي يده بعشرة جنيهات.

هذا المشوار يتكلف عشرون جنيهاً في العادة، ولكن لأننا في آخر الشهر أراد الله لي أن أبتسم.

حسناً، أنا أبتسم يارب، أبتسم وأشكرك وأضع يدي على قلبي وأدعو بالشفاء، وأبتلع الدموع المالحة وأتجاهل مزاجي المتعكر ووجع جسدي وقلبي وأسجل لحظات الرضا.

أنا أبتسم يارب.

الثلاثاء، 26 مارس 2013

هرمونات

يبدأ المشهد بها واقفة في منتصف الشارع تماماً، شارع رئيسي مزدحم بالسيارات، تضع يدها على بطنها وتنحني للأمام قليلاً وتحاول أن تشير لتاكسي ليتوقف.

- أنا بسقط

كانت تلك إجابتها لسائق التاكسي عندما سألها لما رآها تتألم وتنحني بقوة للأمام وتضغط على بطنها بشدة.

- أوديكي مستشفى؟؟
- لا خليك ف سكتك عادي.
- إزاي يا مدام انتي بتنزفي لازم تروحي مستشفى.
- لا..لازم اروح البيت الأول..مفيش حد يجيبلي هدوم للمسشفى.

حصلت على تعاطفه، نظر لها بإشفاق، ثم ظل طوال الطريق يخبرها أن الله سوف يرزقها بطفل آخر، وأن المهم هو الصبر، وأن الأطفال رزق وطالما أجهضت الآن فإن نصيبها لم يكن في هذا الرزق.

كانت تبكي، كلما استمر هو في الكلام، كلما بكت أكثر، لم تكن تبكي بحرقة، فقط دموع هادئة تسيل من عينيها بغزارة وهي تضغط على بطنها بقوة.

بكت، وكانت تتمتم بكلمات لم يسمعها السائق، كانت تبكي بهدوء لم تكن هيستيرية من يراها يعرف أن داخلها حزن هاديء مستمر ومستقر بقلبها، ربما أكثر ثباتاً من الجنين الذي فقدته.

توقف التاكسي، نزلت، رفض السائق أن يأخذ منها أجرة، عرض عليها أن ينتظرها حتى تأتي بحقيبتها لتذهب للمستشفى ورفضت.

دخلت البناية، أزاحت يدها من على بطنها، مسحت وجهها من الدموع وحيت زوجة البواب.

- آهلاً يا آنسة مش عايزاني اجيبلك حاجة سريعة للغدا؟؟

تبتسم لها وتصعد السلالم، تدخل الشقة، تتوجه نحو غرفة نومها، تسدل الستائر وترمي بجسدها على الفراش.


..........إنجي إبراهيم............

السبت، 23 مارس 2013

إلى خالد الذي لا أعرفه



خالد، لا أعرفك ولم نتبادل أي حديث قط، لا أعرف حتى بوجودك ضمن فريق بلوجر الكرام، دعني أحدثك عن المعجزات الصغيرة يا خالد.

أمس كتبت مقال أخبر فيه الفضاء السيبري أنني حزينة لأن أحد نصوصي التي كنت أثبت فيها نفسي عند الانهيار ضاع، فأتيت أنت بلا سابق معرفة لتهديني مقالي الضائع، بلا طلب، ولا سؤال، ولا انتظار لشكر.

لم تحاول أن تتبادل معي حواراً جدياً، ولم تبحث عن حسابي على فيسبوك لنكون أصدقاء وتحملني جميلك، لم تحاول أن تكون بطلاً على حساب وجعي، ولم تستغل الفرصة.

خالد، أنت ضمن معجزاتي الصغيرة التي يهديني الله إياها ليخبرني أنني لازلت طفلة مدللة، ممتنة أنا بقدر المسافة من هنا للسماء.

خالد، شكراً لك.

.............................................................

المقال الضائع الذي أعاده لي خالد:
أنا هنا لأجلي

أنا مندهشة جداً من إنجي إبراهيم، كنت أعرف أنها فتاة قوية ولكني لم أكن أعرف أنها جبروت بهذا الشكل. أعرف أنها لم تعش حياة سهلة إطلاقاً وأنها من ذوي الإعاقة المسماة بيطلعلها ف كل خرابة عفريت، لكني لم أكن أعرف أنها سوف تلتهم العفريت يوماً ما.

أعرف أن إنجي قوية، ولكني لم أكن أعرف أنها سوف تتمكن بعد هذا الزلزال القاسي من الابتسام، فاجئتني، إنجي استغرقت أسبوع واحد من الألم الصافي بلا طعام كان من بينهم ثلاثة أيام بلا شربة ماء، فاجأتني أنها نهضت من الفراش في اليوم الثالث لإجراء مقابلة عمل - بل ونجحت فيها- وهي مرتدية أحد أطقم الملابس التي كان من المقرر لها أن ترتديها وهي عروسة.

أي نعم بكت كما لم تبك امرأة وهي تخرج الملابس، وأي نعم مازالت تشعر أن هناك ثقباً في قلبها يتسرب منه الهواء البارد ولكنها نهضت.

فاجأتني إنجي عندما تعايشت مع الضربة، أي نعم لا تزال تعاني أعراض الصدمة وتتسائل عن كنه هذا الكائن الذي كان يقطن رأسها ويمنعها من رؤية الخيانات واضحة ويعميها عن الحقائق ولكنها لازالت هنا.

إنجي قوية، والله يحبها، ولكن كل هذه القوة فاجئتني، وهذا الكرم الغير مسبب من الله فاجئني أكثر.

لا تزال إنجي تحلم ليلاً بقروح تملأ جسدها وتصحو صباحاً منقبضة الصدر تتحسس جسدها كي تتأكد أن تلك القروح محض أحلام، لا تزال تكلم نفسها طوال الوقت محاولة استنطاق مخها الذي خدعها وحواسها التي خانتها وتواطئت مع المجرم في خداعها، لا تزال تتنهد وتشكوه لله وتؤكد أنها لم تسامح، ولكن هذا في حد ذاته إنجاز، أن تتواجد لتفعل كل هذا وتملأ الزمان والمكان تلك هي المعجزة الحقة.

إنجي لازالت موجودة لأجل إنجي.

..........إنجي إبراهيم........

الجمعة، 22 مارس 2013

لازلت هنا لأجلي



كنت أفكر أن الكتابة من أجل البوح نشاط محبب، في السنوات القليلة الماضية كنت أحرص على مشاركة ما أكتبه هنا مع أصدقائي على الفيس بوك، كنت - ومازلت - أفرح بعليقاتهم وتشجيعهم وأتشجع إذا مس أحد نصوصي قلب أحدهم.

ولكنني منذ القفا (عذراً للفظ) أدون هنا على المدونة دون اهتمام حقيقي بأن أشارك ما كتبته مع من يعرفونني على الفيسبوك، أكتب كي أدون حالتي تلك الفترة من حياتي دون مراقبة من أحد.

اليوم حزنت جداً عندما دخلت المدونة ووجدت أن أحد النصوص تم محوها بالخطأ، تحديداً النص الذي كنت أقوي فيه نفسي بوجودي معي، أصبح الآن غير موجود، كنت أدخل من وقت لآخر كي أقرأه وأتقوى والآن عندما دخلت كي أقرأه وجدته قد اختفى.

ماذا أفعل إذاً؟؟؟

سوف أخبر نفسي ببعض الأشياء الإيجابية وأحكي لي بعض الحواديت التي تشد من أزري حتى أدخل من وقت لآخر فأقرأها وأتقوى كما كنت أفعل مع النص المحذوف.


مثلاً أنا أمتلك أصدقاء رائعين، لن أنسى مقابلة زملاء عملي القديم بعد ما عرفوا ما حدث وأصروا أن يروني وتلقاني ممدوح بسلام لم أجربه قبلاً حتى منه هو شخصياً، يومها شعرت أنه يربت على قلبي ويخبرني أنهم هنا من أجلي، يومها شيماء أخبرتني أنها تقتدي بي في تجاوز الأزمات، وقد ابتسم لي طلعت من قلبه.

أحمد صديقي الذي يرى أنه مسئول عن جعلي أتخطى الأزمة فيكلمني بالهاتف يومياً لمدة أسبوع كي يطمئن أنني لازلت هنا وأنني أعي أن هناك من يهتمون لأمري.

زناتي الذي أنفق يوماً من أيامه المزدحمة كي يصحبني في جولة لأكل الآيس كريم والتحدث عن منطق الله في معاملتنا على هذه الأرض، وكي يتأمل معي السحب ونخمن أي الأشكال ترسم.

فاتيما التي تراسلني كثيراً كي تربت على قلبي المثقوب ورشا التي يخبرني صوتها على الهاتف أن الدفء يمكن أن ينتقل عبر الأثير.

لن أنسى مقابلة زملاء عملي الآخر ( القديم أيضاً ولكنه عمل آخر) الذي أصرت فيه أمنية أن تدللني وأخبرتني يومها أنني أبدو إليجانت، وحملت مصاريف اليوم على أمل أن أبتسم، وقد اكتشفت يومها أنها تحفظ إسمي على هاتفها المحمول بإسم إنجي حبيبتي.

لن أنسى أصدقاء رضوى، نورهان وخالد وموكا، لم يعرفوني قبلاً ولم يقابلوني أبداً ولكنهم رأوني معها فتلقوني بحب وود وتعاملات راقية فشعرت أنهم يتقبلوني لأجلها، ثم شعرت أنهم أحبوني أنا أيضاً وقد دارت مناقشات كثيرة عن طبيعة ال(قفا) وتقنيات تقبلي له وكيف يمكنني أن أخطو فوق جثة التجربة.


لن أتحدث عن رضوى نفسها، الكلام عنها يبدو حماقة، رضوى أثبتت أنها صديقتي الأقرب رغم أنها لم تكن في حاجة لأن تثبت ذلك، ولكنها تبنت القضية كأنما هي قضيتها الخاصة، وأصرت أن أكون أفضل وقد كان لها ما أرادت.

لن يمكنني أن أعدد مواقف رضوى معي في تلك الأزمة، بدءاً من اليوم الذي عرفت فيه أنني أكلت القفا التمام عندما كانت تصرخ على الهاتف ( أنا هنا..أنا هنا..انتي مش لوحدك..انا معاكي) حتى أمس مساءاً عندما تأبطت ذراعي ونحن خارجتان من المقهى وهي تقول (يا فاهمني).


أنا أيضاً أمتلك عمل يمكنني أن أعيش، يمكنه أن يؤمن لي مصاريف مدرسة الرقص الذي سوف أذهب إليها بدءاً من الشهر المقبل، لن أرقص بالمعنى المفهوم ولكنني سوف أمارس نوعاً من التمارين الرياضية الراقصة، أريد أن أبذل مجهوداً يجعل قلبي يدق بعنف فينفض الدقات القديمة الرتيبة التي استنزفت تماماً في غير موضعها الصحيح.

يمكن أيضاً لعملي أن يؤمن لي مصاريف كورس المحادثة الذي أستمتع به والذي درسته قبلاً، ولكني سوف أذهب مرة أخرى لتجديد صلاتي مع شغفي القديم باللغة الانجليزية، وكي أثبت أنني لازلت صغيرة أتعلم وأذاكر وأجتاز الامتحانات التي تختلف عن امتحانات الحياة التي تفاجئنا بلا تحضيرات وبلا استذكار ونرسب فيها باستمرار.

أنا لازلت موجودة هنا، لازالت قدمي مغروسة في أرض الدنيا، ولازلت قادرة على الاستمرار.

لازلت هنا لأجلي

..........إنجي إبراهيم.............

الجمعة، 15 مارس 2013

غلاف فضي لبسكويتة ليست هشة جداً



لازلت أعاني أعراض الصدمة، لازال مزاجي متقلب جداً ولازلت أجد الكلام نشاط بيولوجي غير محمود في معظم الأوقات، لازلت أحلم بكوابيس وأراني في الحلم أنفث عن غضبي المكتوم.


أول من أمس أصبت بنوبة إنهيار عندما رأيت العلبة القطيفة التي تحوي الشبكة التي لم أتخلص منها بعد، كنت أصرخ وجسدي كله يهتز ويتعرق، بكيت حتى أوشك حلقي على الخروج، لعنت عقلي الذي ورطني ألف مرة واعتذرت لقلبي الذي كان يشعر بالخيانة وتجاهلته كثيراً.



نعم أرى أن الله أنقذني، مازلت أشكر وقوفه بجانبي، ومازلت أرى أنني لم أكن أستحق كل هذا الكرم.

ومازلت أتألم بقوة.

اليوم أشعر أن بداخلي غائم جداً، هناك سحب سوداء تحتل صدري وتجاهد كي تمطر من عيناي ولكني أتراجع، لا أريد أن أبكي، ليس إدعاءاً لقوة أو لإنكار واقع يصرخ ألماً، ولكني لا أريد أن أبكي وحسب.

مزاجي يتأرجح بين الصفاء والموت حزناً، فقط في الحالتين أشعر بالقوة، حتى وأنا حزينة أشعر بالقوة، اليوم مثلاً بعد أن أنهي هذه الفضفضة سوف أرتدي ملابسي وأخرج مع صديقاتي لأشرب قهوة وأضحك وأحكي وأسمع.

سوف أعرج أولاً على الكوافيرة، جيهان تجيد نزع الشعرات من وجهي دون أن تتكلم كثيراً، ربما لن تسألني عن اختفاء الدبلة ولن تثرثر بما يحبطني أكثر.

تلك القوة التي أمتلكها عنوة قدر ما تساعدني قدر ما تثقلني أحياناً، لماذا لا أثور وأمرض وأصاب بالانهيار وأبكي ليلاً ونهاراً وأعتزل العالم لفترة؟؟ 

لماذا لا أمارس دور البنت كسيحة القلب التي مررها الخذلان وألجمتها الخيانة وأثقلها الشر؟؟

لماذا لازلت هناك واقفة على قدمي أفكر بوضوح وأضع خططاً لتحسين حياتي وإعادتها لمسارها الطبيعي؟؟

لماذا طليت أظفاري اليوم باللون الأزرق وسوف أخرج مع صديقاتي وأرتدي ملابس أنيقة وأمشي في الشوارع كأنني إنسانة طبيعية لم يخترق قلبها قضيب معدني ساخن أرداها حية؟؟

أعرف أنني لم أخلق كي أكون تلك البسكويتة التي تنكسر بسهولة، ولكنني الآن أحتاج غلاف فضي أنيق كأغلفة البسكويت يحتوي جسد قوي وعقل قوي وقلب قوي وواقع واهن جداً.

.........إنجي إبراهيم..........

الجمعة، 8 مارس 2013

إعترافات


تلك جلسة اعترافات لا قيمة لها سوى أن أشهدكم على ما في قلبي، ما اختزنته في قلبي كثيراً ولم أفلح في إزاحته حتى تدخلت يد الله.


في الفترة الأخيرة، ما يقرب من السنة تقريباً كان كل الظلم حولي يشككني في أسماء الله التي تسميه بالعادل والرحيم.

أرى أطفال يناموا تحت المطر فأنظر للسماء وأقول أنسيتنا؟؟ 
أرى نساء مظلومات فأنظر للسماء وأقول هل هذا هو العدل؟؟
أرى أناس حيواتهم مظلمة فأنظر للسماء وأقول أتستمتع بما يحدث؟؟

كنت أفكر بمنطق بشري بحت، وأفكر في حياتي فأقول أن الله لابد معاقبني لأنني سيئة، ولأنه حسب مفهومي المغلوط فإن الله يحاسبنا من منطلق واحدة بواحدة، ثم أنظر حولي فأرى من هم أفضل مني كثيراً وحياتهم سيئة فأتعجب وأقول أن الفوضى إذن هي إسم اللعبة.

قبل تلك السنة كنت مقتنعة تماماً أنني طفلة الله المدللة، بيسترها معايا مهما عملت، وكنت سعيدة بذلك جداً، ثم دخل إعصار  إلى حياتي قلب لي كل الموازين وأبعدني مسيرة عام كامل عن الطريق، إعصار جعلني أخطىء وأظن أن الله يشاهدني ويتركني أوقع بنفسي في الحفرة ولا يهتز.

أيقنت وقتها أن الكون واسع وأن الله لابد لا يجد الوقت الكافي للعناية بنا جميعاً أو فلنقل أن الله يترك مسئوليتنا لنا، هو خلقنا وتركنا نتصرف كما يحلو لنا بعد أن أمدنا بالتعليمات، ومن يخطىء حسابه سوف يكون عسيراً.

كنت أستنكر هذا من رب الكون، وأقول هو الأعلم كيف إذن يتركنا نضل؟؟ كيف يلقي بمسئوليتنا على عاتقنا وحدنا؟؟ أليس هو الرحيم؟؟

ثم تدخلت يد الله وأنقذتني مرة أخرى.

يا إلهي، أبعد كل تلك الاتهامات تنقذني دون حتى أن أطلب العون؟؟ وكأن الله وضعني في التجربة كي يثبت لي أنه الرحيم، تركني أخطىء وأختار بنفسي ما يرديني في التهلكة، ثم مد يده باسماً وانتشلني.

كيف إذن لا يكون الرحيم؟؟

لو لم يكن الله رحيماً لكنت أنا الآن لابسة ف أتخن حيطة عليك يا كوكب الأرض، ولو كان الله يتعامل بالمبدأ العقيم الذي تصورت أنه يتعامل به لكان تركني أدفع ثمن اختياراتي وأخطائي.

وكأن الله تركني أستكشف بنفسي طريقته في إدارة الكون، أو فلنقل أكتشف بنفسي أنه لا يسعني أن أفكر في طريقته في إدارة الكون، كبيرة عليكي يا إنجي وكأنه قالها لي، ولكنني سوف أعيدك إلى يقينك بأنك طفلة مدللة أتركها تخطىء وتختار ألعاباً خطرة ثم أنقذها من الحريق.

الله أراد أن يعلمني بالتجربة، اللي يشوف غير اللي يسمع، فقد أرادني أن "أشوف" وكان صبوراً إلى أقصى حد، سنتين يدربني فيهم ويتركني أتخيل وأظن وأغضب وأتسائل ثم يهديني الدرس بحنية بالغة.

مستاهلش، أنا عارفة ومتأكدة، ولكن لربما معرفتي الكاملة إنني مستاهلش هي ما أثبتت لي أن الله جاد في احتوائي وأنه يعنيه أن أعي أنا العبدة الصغيرة أنه هو الرحيم، هو أبانا الذي في السماوات كما يقول الحديث أن الخلق عيال الله (حديث أو مقولة في الأثر).

أكتب تلك الاعترافات كي أخبر الله على الملأ أنني وعيت الدرس، وأنني عدت إلى يقيني بأنه الرحيم وبأنني مازلت ضمن عياله، أليس "الخلق عيال الله" ؟؟؟

الحمد لله، وآسفة، آسفة جداً يارب والله.
.........إنجي إبراهيم.........

الجمعة، 1 مارس 2013

جثث

المشكلة مش ف اللي حصل..المشكلة ف كم الجثث اللي انا مضطرة اتعامل معاها

مثلاً عندك جثة العلبة القطيفة اللي كان فيها الشبكة..عندك جثة طن الصور..عندك جثة الشنطة اللي مليانة هدوم العروسة اللي كانت هتبقى أنا.

عندك مثلاً جثة النيم تاج اللي كنت عاملاه له هدية ومكتوب عليه إسمه بالبنط العريض ونسيت اديهوله.

عندك مثلاً طن هدايا..برفانات على ساعات على هدوم على كتب على أقلام على كراسات.

المشكلة ف الجثث دي كلها انها مش للدفن..أنا محكوم عليا احنطها وابروزها واقدملها فروض الولاء والطاعة كل يوم عشان افتكر القفا.

ضوافره مخربشة كل حتة ف حياتي..قدامي مستقبل باهر من مداواة الخرابيش بس فيها خرابيش غويطة هتعلم..المشكلة ان الخرابيش الغويطة هي الخرابيش اللي عملها ف وشي وكل مشكلتي دلوقتي في الجثث دي..هعمل فيها ايه؟؟

آكلها؟؟؟

بيتهيء لي دة الحل الوحيد..أنا محكوم عليا آكل الجثث دي عشان احس بالألم جامد أوي واتعظ..عشان تبقى جزء مني وفي نفس الوقت مشوفهاش تاني.

.........إنجي إبراهيم.........