الثلاثاء، 30 أبريل 2013

إطار خشبي فارغ



تنفض رماد السيجارة في راحة يدها، لا تستشعر ألم ما، مجرد سخونة خفيفة على الجلد، تتسائل عن شعورها في الآخرة، هل ستدخل النار؟؟

تقول "لما كنت صغيرة، كنت فاكرة ان الست بتخلف بعد ما بتتجوز عشان المأذون بيبعت القسيمة للسما، فربنا يعرف انهم اتجوزوا، فيبعتلهم نونو ف بطنها، عشان كدة اللي مش متجوزة مش بتخلف"

تطفيء السيجارة في كتفها، تؤلمها ولا تصرخ، ليست كالرماد، السيجارة تؤلم، قبس من النار يظلم على جلدها، تنظر في المرآة، ترك ندبة على كتفها، الندبة تفيد، تنظر لها في المرآة وتستدير.

تشاهد التليفزيون، تدمن الأفلام الأجنبية، تخيم امامه بكوب ساخن من النعناع ليهدىء التقلصات، ليس لديها وقت لمشاهدة التليفزيون سوى أيام راحتها من العمل، راحة شهرية إجبارية، راحة مؤلمة، تذكرها أنها لازالت أنثى ولم يتم تحولها الكامل لممسحة بعد.

على الشاشة، تمنع "جوليا روبرتس" زبائنها من أن يقبلوها على شفاهها، تقول في الفيلم أنها تدخر قبلة الشفاه لمن سوف تحبه. تضحك حتى تدمع عيناها، 
وتفرغ معدتها على البساط.

تطفيء التليفزيون وتتجه لغرفة نومها، لا تستدير لجانب الفراش الذي كان ينام هو فيه، تتوجه ببصرها نحو الدولاب لتطالع ورقة طلاقها المعلقة عليه منذ سنة؟ إثنان؟؟ خمسة؟؟؟ لم تعد تذكر.

تدير رأسها للناحية الأخرى، نحو صورة طفلها الذي لم يأت أبداً، إطار خشبي فارغ، لم يأخذه معه حين تركها، ترك الإطار الفارغ ورحمها الفارغ وذهب.

تقرر أن تكف عن الانتقام منه، تكف عن زيارة رجال آخرين في غرف باردة، تكف عن الانتقام من المأذون الذي نسى أن يرسل بالقسيمة للسماء فلم يرسل لها الله طفلاً وظل الإطار الخشبي فارغاً.

تطمئن للقرار، تدمع عيناها وتنام.

تصحو متأخرة، تدخل إلى الحمام، تتأمل الندبة على كتفها، تستحم، ترتدي ملابسها، تجيب على الهاتف بضحكة رفيعة وتخبر محدثها على الطرف الآخر أنه "مسافة السكة".


........إنجي إبراهيم........


السبت، 20 أبريل 2013

Olivia


أوليفيا كانت مشوشة، نافدة الصبر، تشعر أنها قد خدعت في علاقتها مع حبيبها الأول المتزوج، تركت عملها كمعلمة وعملت كخادمة تنظف البيوت لأن عملها كان يضغط على أعصابها.

أوليفيا كانت تقلل من شأن نفسها لدرجة أنها كانت تواعد شاباً يأخذ أموالها كي يقضي معها وقت العمل ويسليها بحديثه السخيف، أو يقيم معها علاقة.

أوليفيا ما أن سمعت عن أنها يمكن أن تتقاضى أجراً أكبر في العمل كمدربة شخصية حتى قررت أن تدرس كورس التربية البدنية، وما أن رأت مستحضر إزالة التجاعيد حتى أصابها هوس جمع العينات المجانية من هذا المستحضر لتستخدمها.

أوليفيا، أعرف فتاة تشبهك.

فتاة سريعة التشوش أيضاً، ونافذة الصبر مثلك تماماً يا أوليفيا، فتاة تشعر أنها قد خدعت في علاقتها السابقة مثلك تماماً.

فتاة قللت من شأن نفسها يوماً ما فارتدت خاتم ذهبي طوق رقبتها قبل إصبعها وقد احتاجت معجزة إلهية لتنزعه عنها.

أعرف فتاة تشبهك يا أوليفيا، يصيبها هوس مؤقت بالأشياء، كي تصرف انتباهها عن التفكير في أشياء أخرى أكثر إيلاماً.

أوليفيا، أقدر مشاكلك تماماً، لو كنت في موقع صديقتك (لا أتذكر إسمها للأسف) لأقرضتك 1800 دولاراً لتنجزي برنامجك التدريبي لتجربي العمل كمدربة شخصية، أفهمك يا أوليفيا، أفهم حاجتك لأن تشعري بالإنجاز وأن تغيري روتين حياتك ربما يخرج صديقك السابق من رأسك وتكفي عن التفكير في ما إذا كان يشعر بافتقادك.

أوليفيا، أعرف فتاة تشبهك رغم أنها سمراء وذات شعر داكن وتعيش في إحدى بلدان العالم الثالث وظهرها يؤلمها معظم الوقت.

أوليفيا، تلك الفتاة شاهدتك أكثر من مرة من قبل، فقط اليوم شعرت بالوخز، اليوم أدركت الشبه، ورأت الشفقة في عيون صديقاتك موجهة لها هي عبر الشاشة.

ربما النهاية السعيدة التي حصلت عليها في الفيلم هونت عليها الأمر قليلاً، هي ليست متأكدة أن قصتها سوف تتشابه مع قصتك في النهاية السعيدة.

أوليفيا، المشهد الذي كنت تحادثين فيه عملائك بالهاتف لتخبريهم أنك كففت عن العمل كخادمة، وكنت تستخدمين كريم التجاعيد لترطيب أقدامك أوجع الفتاة شبيهتك جداً.

أوليفيا، هل ستتحرر شبيهتك كما تحررت أنت في الفيلم؟؟

أوليفيا، صلي من أجلها.


.........إنجي إبراهيم.........

* أوليفيا هي إحدى شخصيات الفيلم الأمريكي friends with money وكانت تؤدي دورها جنيفر آنستون.

* الصورة المستخدمة مع النص هي إحدى كادرات الفيلم.

السبت، 13 أبريل 2013

بالتأكيد، ربما


بالتأكيد - ربما - يأتي اليوم الذي أكف فيه عن أن أكون مخبولة تماماً، ربما يأتي اليوم الذي أكف فيه عن أن أراقب الناس والأشياء في الشوارع وأصنع قصص خيالية عنهم في عقلي.

بالتأكيد - ربما - يأتي اليوم الذي أكف فيه عن إقامة علاقة وهمية مع راقص تنورة عمرها ساعة ونصف هي عمر الحفلة، أفتتن بحركاته جميعاً ويدق قلبي عندما يتلفت.

بالتأكيد - ربما - يأتي ذلك اليوم الذي أكف فيه عن الافتتان بعازف درامز شاب، وتتبع ضرباته وحركات جسده تجاه طبلة الدرامز طوال الحفل، الافتتان الذي يستغرق بالضبط عمر حفل صاخب ما أن ينتهي حتى أنسى وجه العازف تماماً وأنسى أنني أقمت معه علاقة حب من على بعد خمسة صفوف من المقاعد تفصلني عن المسرح الذي ينصب عليه آلاته.

بالتأكيد - ربما - يأتي ذلك اليوم الذي يكف عقلي فيه عن تخيل أنني وقعت في بئر الأبد عندما أستقل عربة يرتكز على التابلوه أمامي فيها ساعة فقدت عقربي الساعات والدقائق، وظل عقرب الثواني يدور بلا انقطاع حتى اقتنعت أنا أننا سوف نظل نمشي على ذلك الطريق للأبد، وأنه لا فكاك.

بالتأكيد سوف أكف يوماً ما عن الأحلام الدرامية التي أفتقد فيها البشر وأبكي بالحلم لأنهم لم ينهضوا ليسلموا علي، وعندما يهاتفني أحدهم أسأله " إنتوا ليه عملتوا معايا كدة ف الحلم يا ممدوح؟" ويبدأ هو - ذلك العزيز الطيب- في تفسير أنه مستحيل أن يحدث هذا وأن لو كان الحلم حقيقي كانوا قد سلموا علي بالطبع.

بالتأكيد سوف يكف عقلي يوماً ما عن اختلاق الاقتراحات التي تصيب الآخرين بالجنون، ولن أطلب من أحد رفاق الروح أن يبعث لي بخطابات من البلدة البعيدة التي يعمل بها ونحن في 2013، بالتأكيد - ربما - سوف أكون أكثر منطقية من هذا يوماً ما.

بالتأكيد - ربما - سوف أكون أكثر منطقية من هذا يوماً ما.

بالتأكيد.

ربما.



..........إنجي إبراهيم........

Defiantly, may be هو إسم فيلم أمريكي لطيف وهو عنوان النص، وأيضاً الجملة المحورية فيه..أعرف أن ذلك لا يحتاج لتوضيح ولكنه التحذلق.

الأحد، 7 أبريل 2013

إلى علا .. عن السحر

علا، أنا أؤمن بالسحر يا علا ولم أكن أقصد أنني مستاءة أو حزينة أو فقدت اندهاشي.

كنت أتحدث فقط عن عدم اقتناعي بسحر النهايات السعيدة الحتمية، وأن تلك النهايات السعيدة تتعلق دوماً بإيجاد رجل في مثل وسامة خافيير بارديم وسحره في فيلم طعام صلاة حب.

لكنني مازلت أؤمن بالسحر الخاص بي وحدي، ليس علي أن أعتمد على ضفدع يعيد لي كرتي الذهبية من البئر، فأقبله فيصبح أميراً وسيماً ونتزوج ونعيش سعداء للأبد.

أنا لا أمتلك كرة ذهبية أصلاً يا علا.

أؤمن بالسحر في الأشياء، في مستحضر مرطب اليدين من إيفون الذي وضعته على يداي قبل أن أكتب لك هذا النص، رائحة الفراولة والحليب ولونه الوردي والرائحة الجذابة التي تركها حولي تسحرني.

الخاتم الذي يطوق إصبعي الآن محفوراً عليه تميمة حظي "فالله خير حافظاً" يسحرني، تفهّم رضوى صديقتي لكوني أحتاج تميمة فأبدت رأياً يوافق رأيي رغم أنني أعرف تحفظها على هذا النوع من الإكسسوارات.

وجود رضوى نفسها في حياتي يسحرني يا علا، تلك الفتاة الشقراء التي تقرأني دون أن أكتبني، والتي تحمل على عاتقها مسئولية إسعادي دون طلب مني.

تعليقات رضوى أسامة وفخرها بي، إهتمامك بأن تخبريني أن هناك سحراً في هذا العالم، وجودك أصلاً ببرائتك المحببة وحضورك العذب، ندى صديقتك التي أوصلتني بك في الأصل و التي تشاركني مشاهدة أفلام ساحرة وتوزع الدعابات ويصل حبها لي عبر الفضاء السيبري العظيم.

دروس الرقص التي أتعثر فيها ساحرة يا علا، الأفلام الجميلة ساحرة يا علا، السماء ساحرة، رائحة الصيف ساحرة، الطعام ساحر.

الحياة ساحرة يا علا، أنا أحب الحياة جداً ولذلك أتأزم عندما تختل حياتي، أنا مثل أي فتاة مراهقة خرقاء لا تقبل بالخسارة وتريد أن تحيا سعيدة.

أنا سوف أتم الخامسة والعشرين هذا العام ومازلت لا أقبل بالخسارة، أنا أريد أن أكون سعيدة يا علا.

أرى السحر، لا تقلقي على إنجي، هي فتاة قوية جداً، تزن 79 كيلو جراماً من القوة، وعندما ينقص وزنها لن تفقد من قوتها شيء.

أرى السحر يا علا، أرى السحر، وأكتبه.


.........إنجي إبراهيم.......

السبت، 6 أبريل 2013

عن الواقعية والطعام والسفر والإحباط

إذا اخترت أن أكون أخرى فسأختار إنجي إبراهيم مع بعض الامتيازات المادية الزائدة.

هكذا، فقط، بمثل تلك البساطة سوف أختارني مرة أخرى، مع بعض الأموال تكفيني لأن أشاهد فيلم Eat, Pray, Love وأقتنع أنه مازال بإمكاني أن أجد شيئاً ما مميزاً في هذا العالم القبيح.

أحب جوليا روبرتس جداً، وأحب البيتزا واللازانيا والمكرونة والهند والتأمل والرقص والحب، لكنني في هذه المرحلة من حياتي لست على استعداد لأن أتقبل أن أشاهد الفيلم فأنهض لأغير حياتي وأحصل على خافيير بارديم الخاص بي.

أنا لا أمتلك أموال كفيني لأتخلى عن عملي وأسافر لمدة عام كامل لآكل البيتزا والمكرونة في شوارع إيطاليا وأجلس أقرأ في فراش وثير في منزل سيدة إيطالية تؤجر لي الغرفة وهي متشككة مني لأنني مطلقة.

For god sake محدش يقولي الدنيا لسة فيها أكتر، لست متشائمة ولست مهيضة الجناح ضعيفة، أنا فقط أتمتع ببعض الواقعية في هذا العالم العبثي.

الواقعية التي جعلتني أتورط في خطوبة فاشلة قدر الله لي منها الإنقاذ وعدم التورط فيها لتتطور إلى زيجة فشلها أسطوري تحكي عنه الأجيال حول المدفأة ليلاً، الواقعية التي تجعلني أتحمل مكالمات العمل أيام العطلات وأن أقوم بعمل رجلين على الأقل وأن أتحمل سخافة البشر في المواصلات والمصالح الحكومية والشوارع، الواقعية التي تجعلني أتقبل خسارة صديقة طفولتي وشبابي وأتقبل أن خطبتها تعني إلغاء كل شيء آخر من حياتها.

الواقعية التي تجعلني أودع كل من أحبهم إلى أماكن أخرى من أجل لقمة العيش.

أنا متورطة في الواقعية حتى النخاع، قدماي مغروستان في الواقعية المصرية، فلا يرشح لي أحدكم فيلم إليزابيث جيلبرت لأراه وأبتهج وأؤمن أن الحب قادم وأنه لازال هناك سحر في هذا العالم.

لست غاضبة ولست ناقمة، على العكس تماماً، أنا أعيش فترة من أثرى فترات حياتي على الإطلاق، وكانت تلك التدوينة أصلاً مخصصة لأتكلم فيها عما أشعر به حيال حريتي المستردة وأن الله يأتي لي بحقوقي على أطباق فضية مزخرفة.

فقط أنا شاهدت جزءاً من الفيلم قبل أن أجلس لأكتب لكم فاستفزني عندما أيقنت أنه منتهى آمالي في هذا العالم أن أحظى بثلاثة أيام كحد أقصى في أحد مدن الساحل الشمالي الصيفية مع أصدقائي.

الحياة قاسية مفيش كلام.


.........إنجي إبراهيم.........