الخميس، 16 ديسمبر 2010

البنت التى تكتب


البنت التى تكتب ترى الكثير مما يمكن تدوينه..تمشي فى الشوارع وتصافح عينيها وجوه المارين من حولها..تبتسم أحياناً وتقطب بعض الوقت..تتبادل المزاح الصامت مع بعض الشجيرات وأعمدة الإنارة..تلقي السلام على شركائها فى الصباح.



البنت التى تكتب يمكنها أن تترك بيتها يوماً لتذهب للعمل..يمكنها أن تستمع لفيروز طوال الطريق وتستقبل زخات المطر النقي على وجهها وتضحك..يمكنها أن أن تمازح رفاق العمل بطريقتها العشوائية جداً والتى تملأ الدنيا صخباً غير مفهوم..يمكنها أن تلقي الدعابات على كل من يقابلها وتعبس فى وجه من لا يروق لها.



البنت التى تكتب بمكنها أن تكتب عن ذلك اليوم الذى كان فيه كل الناس لطفاء جداً..كلهم شديدو الرقة..فالفتى فى المواصلات أزاح مكانه لعجوز يقف متعباً..والسيارة الملاكي ذات اللون الداكن أفسحت المجال لأتوبيس النقل العام أن يمر حتى لا يقف الطريق..وقد كان بائع البسكويت بشوشاً اليوم.



البنت التى تكتب يمكنها أن تكتب عن عمود الإنارة الذى قرر أن ينير فجأة ويتخلى عن إضرابه عن العمل فقط لأجلها عندما مرت جواره..يمكنها أن تكتب عن الصباحات الجيدة والصباحات الأخرى التى تقرر فيها العكننة مرافقتها حتى الفراش فى نهاية اليوم.



البنت التى تكتب يمكنها أن تكتب كثيراً عن رغبتها فى أن تعيش حياة بسيطة كالتى تعيشها فيروز فى كل أغنياتها القديمة..وأنها تحب أن يكون يومها مقسماً بين حنا السكران الذى "ملهي وعلى الحيطان..عم بيصور بنت الجيران" أو ألا يهون عليها كسر الخواطر حيث أن "حد القناطر محبوبي ناطر" وتتمنى جدياً أن تكون حياتها بمثل بساطة حياة فيروز الذى يوصيها حبيبها أن "كل ليلة عشية قنديلك ضويه..قوي الضو شوية وارجعي وطيه" سوف تفعل هذا بمنتهى الرضا حتى " بيعرفها علامة..وبيصلى تتنامي"



البنت التى تكتب يمكنها أن تحكي كل هذا وأكثر..يمكنها أن تبتكر كل الحواديت الممكنة..وتصيغها صياغة محكمة جداً..وتبهر كل من يقرأ لها.



البنت التى تكتب تظل طوال الأسبوع فى تفكير عميق عما سوف تكتبه..ثم يأتي هو بمنتهى الحرفية اللامقصودة..ويغلب كل حكاياها بحدوتة يحكيها بصوته الطيب الذى تشعر أنه يربت عليها حتى عبر الأثير ليحكي لها حدوتة هي بطلتها.



تستمع البنت التى تكتب للحدوتة..وتندهش لقدرته الغير مقصودة على تلوين أيامها بلونها المفضل..تنبهر أنفاسها بأنه يفاجأها بقدرته على احتواء كل هذا الصخب وكل هذا الحكي..تتفاجىء بمنتهى الرضا بالحدوتة وتقرر أنها لن تكتب سوى عنها.



تلك الحدوتة التى كانت البنت التى تكتب بطلتها..وقد أرضاها هذا كثيراً.





.........إنجي إبراهيم............