الخميس، 13 يناير 2011

ذلك اللا أمل


تبدأ مزيكا الأغنية فى التسرب حولها..هذا النوع من المزيكا، ماذا يسمونه؟؟ فالس؟؟..فليكن..ليكن فالساً أو ليكن أى شىء آخر..المهم أنه يتسرب إلى روحها مباشرة..غير مؤلم..فقط يجعلها تبتسم بشجن..وتبدأ فيروز فى حكي القصة.
..........................................................................
"رغم الزهر اللى متلي الحقول..شو ما تحكي وتشرح لي وتقول..حبيبي..حبيبي..تا نرجع لأ مش معقول"

تضم الشال حول كتفيها وتدور حول نفسها..تتحذ خطوات ضيقة جانبية وتغمض عينيها.
..........................................................................
" بعرف شو يعني إذا إنت بعيد..بس..حبيبي..إحساسي ما عاد يرجعلي من جديد"

تنظر له بحب..هى تحبه فعلاً..بالتأكيد تحبه..تربت عليه بعينيها وتخبره أنهم لن يعودوا وأنها تسامحه..يدور بها على المزيكا الهادئة وسط الحضور..ثوبها المنفوش ذو اللون الهادىء يتحرك بنعومة، تشعر بحبه فعلاً وتعرف أنها تحبه ولكن تلك هى الحقيقة.
.......................................................................
"فى أمل ..إيه فى أمل"

تحكم لف الشال حول كتفيها وتكمل خطواتها الهادئة، تعرف أنها تشبعت..علاقتهم قد تشبعت..ما عاد هناك منفذا للأمل فى أن يعود الشغف..أصبحوا كعجوزين تجمعهم عشرة طويلة يوشك أحدهم على الموت فيساعده الآخر ويلقنه الشهادتين عوضاُ عن الفزع..واقعية شديدة فى العلاقة تجعل الشجن هو سيد الموقف.
................................................................
"وبيذكرني فيك لون شبابي بس ما بينسيني شو حصل"

تترك يده تضغط على يديها فى الرقصة..تقترب منه أكثر ولا تشعر برغبة فى البكاء..هو منها..قلبها كما اعتادت أن تخبرهم عنه..كيف يكون إحساس من سوف يضطر للحياة بلا قلبه؟؟ سوف تعرف قريباً..ترسل أفكارها لعقله وتخبره كم تحبه وتعرف كم يحبها..تبتسم له عندما تراه يهم بقول شىء ما..تعرف تلك الخلجة فى شفتيه عندما يقاوم الحكي..تعرف تلك النظرة..تغمض عينيها وترسل لقلبه رسائلها..تخبره أنها لا ترى أنه خذلها..هو لا يخطىء..فقط هو لا يستطيع التصرف بطريقة أخرى..تمنحه ابتسامة راضية وتحتضنه أكثر وتدور..وتدور..وتدور.
................................................................
"فى قدامي مكاتيب من سنين..زهقت ورد ومنتور وياسمين..حبيبي.حبيبي..ما عاد يلمسني الحنين"

تفتح الشال كالأجنحة وتدول حول نفسها..تتذكر أنها أنفقت ما يوازى عمراً كي تحتفظ به..وفشلت..تتذكر نظرة الاعتراف بالذنب التى تطل من عينيه..لم يستطع أن يؤمن بها بالقدر الكافي..لم يستطع أن يتركها تتغلغل داخله..لم يستطع أن يتخلي عن حذره تجاه الكون..لم يسلمها أمانه..وهى لا تستطيع أن تتغاضى عن ذلك.
...........................................................
"فى ماضي منيح بس مضى..صفى بالريح بالفضا..وبيضل تذكار عن مشهد صار فيه خبز فيه ملح فيه رضا"

تستمر المزيكا فى الذوبان فى الجو..تندمج مع رائحة عطره التى تعتبرها رائحة الكون..لا تتكلم وتستمر فى إخباره برسائلها الذهنية أنها لن تنسى..ماضيهما المشترك هو ما صنعها..لن تنسى أبداً ذلك الرضا الذى عرفته من وجوده حولها..تبتسم بحب وتترك نفسها ليدور بها وتستمر فى إخباره أنها لن تنسى..لن تنسى..لن تنسى.
.........................................................
"ويومية ليل وبعده نهار..عمري قدامي عم ينقضى"

تفتح الشال المحكوم حول كتفيها بعنف شديد وترفع رأسها لتواجه السقف وهى مستمرة بالدوران..لا غضب هنالك..فقط دهشة عن تلك الحقائق التى تتكشف فجأة..عمرها إنقضى؟؟ فليكن..لا تندم أنه انقضى..فهى لم تضيعه تماماً فقد كانت بجانبه..يكفيها أن عمرها انقضى وهى تحتفظ بقلبها فى الفؤاد.
..................................................
"حبيبي ..إحساسي..ها القد معقوله زور؟"

تترك يديه وتقف على بعد خطوة تتأمل وجهه بعدما ألقت فيروز السؤال..يطرق برأسه وتتنهد هي وتلتفت كي ترحل..تختفي قاعة الرقص وتواجه المرآة بشالها الذى تحكمه حولها بذراعيها المضمومتين فى حضن مرتجل لذاتها..تتأمل وجهها فى المرآة بشجن ونطقت مع الأغنية بلا مرارة "بيناتنا بنعرف شو صار".

............إنجى إبراهيم..............


تخاضمني الكتابة منذ مدة ليست بالقصيرة..وذلك نص قديم كتبته فى أول استماع لي لأغنية فيروز الجديدة "فى أمل"..وكنت قد قررت ألا أنشره لأنه خرج من قلبي مباشرة ولن أحتمل ألا يفهم من أى شخص..لذلك عفواً أتوق لسماع الآراء..ربما أعود لاستخدام الكلمات لأننى -حقاً- اشتاقتها.