الثلاثاء، 25 ديسمبر 2012

برسم البيع


كان لديهاً وشماً ما على كتفها تمتد حوافه حتى رقبتها، لم يكن يميز الوشم ولكنه استطاع أن يميز أنها تتعمد مداراته بياقات عالية وكوفيات.
...............................................

كانت تجلس معه بالمقهى بعد إنتهاء دوامهما، دائماً تمسك بيديها كتاباً، يسألها عن إسمه كي يقرأه، فتخبره ضاحكة أنه كتاب ممل، تكرر الأمر مرات كثيرة حتى سألها لماذا تتعمد قراءة الكتب المملة؟؟

فأجابت..لأنها تقتل الوقت.
..............................................

دائماً ترتدي ملابس سوداء، أكمام طويلة وياقات عالية، كل ملابسها سوداء، ربما لأنها تعرف أن اللون الأسود يليق بها، هي أصلاً توحي بالغموض، لا أحد يعرف منزلها، لا أحد يراها تتحدث بالهاتف. فقط تأتي يومياً للمول لتبيع الورد في دكانها الصغير، تكتب مع الوردات كروت صغيرة لزبائنها، يضعونها مع الورد فيعودون مراراً.

............................................

تحدثه عن إخوة يوسف، تقول له أنهم ما تخلصوا منه سوى لأن أباهم ظلمهم، لم يعدل في توزيع الحب، تنظر له وتقول لو أن أباهم أحبهم كما أحب يوسف ما تخلصوا منه.

تتنهد وتخبره أن إخوة يوسف لم يكونوا أشراراً، فقط كان ينقصهم الحب..وتحدرت دمعة.
............................................

سألها مرة أين تعيش، ضحكت وأخبرته أنها مراراً في الأحلام بنت بيتاً من أغلفة الكتب وفرشت أرضياته بالعناوين وزخرفت حوائطه بالحروف.

سألها لماذا تقرأ كثيراً..فأجابته لأن حياة واحدة لا تكفيني.

..........................................

دائماً تغيب قبل الشمس، تبيع الورود منذ الصباح حتى العصر، تشرب القهوة من العصر وحتى ما قبل المغرب، ثم تهرول حتى لو لم يكونوا أنهوا كلامهم.

تشير له من خارج المقهى أن يسامحها، وتشير لساعة وهمية في معصمها لتخبره أنها تأخرت. سألها علام تتأخر، ابتسمت ولم ترد

ثم طلبت منه أن يشتري لها كرز أحمر.
..........................................

تتمدد بجانبه على الفراش، للمرة الأولى تعود معه لمنزله، كان شعرها يفوح برائحة الورد، جسدها يبعث روائح التربة الخضراء، تبتسم وهي نائمة وتتوسد الفراش، تعطيه ظهرها فيرى الوشم بوضوح.

يتحلل الوشم على كتفها، يذوب ويرسم أنهاراً بدلاً منه، تتسع ابتسامتها النائمة، ويلتقط كلمتي الوشم قبل أن يغيبا، يربت على ظهرها ويردد "لست (برسم البيع) بعد الآن"



...........إنجي إبراهيم..............


الخميس، 20 ديسمبر 2012

عن الفتيات الطيبات والمعجزات الصغيرة والتفاصيل

ملحوظة: البنات كلهن طيبات، العالم هو الشرير. إنتهت الملحوظة.

شاهدت فيلم Amilie مؤخراً، مشاهدة متأخرة جداً واستمتاع حرمت منه - دون قصد - لسنوات. الفيلم حرفياً يجب أن ينضم لمجموعة الأشياء المبهجة التي تملأ الكون والتي يمكنها أن تحملنا على العيش بضع أوقات لطيفة في هذا العالم الذي يستمتع بممارسة الغباء على نطاق واسع.

ملحوظة: البنات كلهن يجدن صنع المعجزات، فقط لمن يدقق. إنتهت الملحوظة.

تمتلك الفتاة بالفيلم موهبة الحنان، تبعث للأرملة برسائل من زوجها الخائن كي يبرد قلبها وتستعيد ثقتها بنفسها، وتهمس لزميلتها أن فلان يراقبها وتفعل بالمثل معه فيقع الاثنان بالحب، تسجل لجارها فيديوهات ظريفة لتسري عنه، وتنتقم من البائع الشرير وتبتسم.

أنا أجيد الابتسام، في الحقيقة حياتي مؤخراً لم تجعلني أبتسم كثيراً ولكنني أحاول، أقتنص لحظات الرغي والضحك والنسكافيه، والقهوة ودخان السجائر وتأبط ذراعه في الطريق. لا أصنع معجزات للآخرين، ربما أنتقي هداياهم بعناية، أربت على قلوبهم بالكلمات، أخبرهم كم هم رائعون حتى يشعروا أن الحياة بها بعض العدل. ولكنني لست فتاة الفيلم للأسف ولذلك لم تتغير حياة أي ممن حولي بمعجزاتي.

ملحوظة: الحياة صعبة على الحالمين، تلك أحد جمل الفيلم العبقرية. إنتهت الملحوظة.

التفاصيل، أن تنغمس تماماً في التفاصيل فتصبح للآخرين غريب الأطوار، نجح الفيلم في إبهاري بالتفاصيل، بكل تلك الأشياء التي تحبها الشخصيات وأجاد صانعو الفيلم دمجها على الشاشة. أشعرني أنني لست وحدي المهووسة، هناك الكثيرين يفهمون قيمة أن يكون المرأ متواصلاً مع الذرات التي تشكل أيامه، أن يجلها ويرتب أرفف ذاكرته من أجلها.

أنا أجيد التفاصيل، أجيد صنعها وأجيد الإحساس بها، بالواقع أنا صائدة تفاصيل، ربما هذا ما يجعل للأشخاص في حياتي أماكن غير قابلة للتبديل، كل منهم يحتفظ بتفاصيله ولا يمكن أن نمارس الكراسي الموسيقية في هذا الموضوع بالذات، التفاصيل موضوع حساس فلا تحاول العبث به.

من يجيد التفاصيل يحب من يصطادونها، فمثلاً أنا أتذكر أنني قاربت على لمس النجوم عندما قال لي بعفوية ذات مرة " لما بتضحكي وترجعي براسك لورا وتخبطي كفوفك على بعض..بتبقي كإنك مالكة الدنيا"، حسناً، تلك الجملة يمكنها أن تأسرني للأبد.

ملحوظة: الكتابة كائن حي. إنتهت الملحوظة.

أحب صديقات الكتابة، صديقات الحياة، اللاتي لا أعرفهن، من يستمتعن بمشاهدة فيلم فرنسي بترجمة إنجليزية ويقتنصن التفاصيل ويصنعن المعجزات والبهجة. الكتابة تجمعنا في عالم أرق من ذلك الذي نعلق به جميعاً منتظرين الفرج.

إكتبن، إحلمن، واصنعن المعجزات يا صديقاتي، فالعالم بلا شعور طويلة وكروموزومات XY، وضحكات رنانة وعيون متألقة يفقد الكثير من بريقه.

ملحوظة: يجب على إسراء إبراهيم أن تكتب بانتظام، وربما أيضاً تنضم لبلوجر. إنتهت الملحوظة.


.......إنجي إبراهيم........

الأحد، 2 ديسمبر 2012

فقرة من دفتر المذكرات الضائع

فقدت دفتر مذكراتها، حادث يدعو للحزن في الأحوال العادية، أما معها، فالحادث يدعو للرعب.
.......................................

فقرة من المذكرات المفقودة

حسناً، أنا قبلت زواجه، هو ليس سيئاً لتلك الدرجة، في الحقيقة هو ليس سيئاً من الأساس. فقط لو كان السابق ليس سابقاً لكانت الحياة أسهل كثيراً. المهم أن أتذكر خلع العوينات في كل مرة أجلس معه فيها، هكذا لن أضطر أن أراه بوضوح وسوف يسهل على نفسي التعامل مع فقد الآخر، يمكنني حتى أن أتخيله هو الجالس معي، لعبة سهلة، وسوف تنجح.

....................................

تتكوم على الفراش، تعرف أنها تشاجرت معه هذا الصباح، كان مزاجها متعكراً بسبب فقد دفتر المذكرات، هو لا يعرف أنها فقدته، ثارت عليه، ضايقته بكلمات لا يحتملها الموقف. تركها وذهب للعمل، فقط قبل أن يغلق الباب إستدار نحوها وقال "هتوحشيني".
....................................

فقرة من المذكرات المفقودة

من قال أننا لا نستطيع أن نحب اثنين في نفس الوقت؟؟ أنا أحبه، ولكني لم أنس السابق بعد، لازلت أتذكره وأحبه جداً وأستخدم كلماته، صحيح أنه تركني، وصحيح أنه لم يعبأ أبداً بالاحتفاظ بي، ولكنني لازلت أحبه، ولازلت أخلع عويناتي في كل مرة يقترب مني فيها زوجي.
...................................

تفتح له الباب، يفاجئها بوردات أنيقة ملفوفة بشريط حريري، تبتسم وتخلع عويناتهاوتعتذر له عما بدر منها صباحاً، يقبل رأسها ويخبرها أنها يمكنها أن تفعل ما يحلو لها، سوف يتحملها في كل حالاتها لأنه يحبها. تنظر لعويناتها في يدها وتتنهد.

..................................

فقرة من دفتر المذكرات الجديد

طلبت منه أن أصحح إبصاري بالليزر، وافق بلا مناقشات، الآن أراه بوضوح طوال اليوم، بل أضبط نفسي متلبسة بالاستيقاظ ليلاً لأتأمل وجهه وهو نائم.

فقد فاتني الكثير.



.........إنجي إبراهيم..........

* النص مشاركة في مشروع شهر التدوين الأسبوعي.