الثلاثاء، 25 ديسمبر 2012

برسم البيع


كان لديهاً وشماً ما على كتفها تمتد حوافه حتى رقبتها، لم يكن يميز الوشم ولكنه استطاع أن يميز أنها تتعمد مداراته بياقات عالية وكوفيات.
...............................................

كانت تجلس معه بالمقهى بعد إنتهاء دوامهما، دائماً تمسك بيديها كتاباً، يسألها عن إسمه كي يقرأه، فتخبره ضاحكة أنه كتاب ممل، تكرر الأمر مرات كثيرة حتى سألها لماذا تتعمد قراءة الكتب المملة؟؟

فأجابت..لأنها تقتل الوقت.
..............................................

دائماً ترتدي ملابس سوداء، أكمام طويلة وياقات عالية، كل ملابسها سوداء، ربما لأنها تعرف أن اللون الأسود يليق بها، هي أصلاً توحي بالغموض، لا أحد يعرف منزلها، لا أحد يراها تتحدث بالهاتف. فقط تأتي يومياً للمول لتبيع الورد في دكانها الصغير، تكتب مع الوردات كروت صغيرة لزبائنها، يضعونها مع الورد فيعودون مراراً.

............................................

تحدثه عن إخوة يوسف، تقول له أنهم ما تخلصوا منه سوى لأن أباهم ظلمهم، لم يعدل في توزيع الحب، تنظر له وتقول لو أن أباهم أحبهم كما أحب يوسف ما تخلصوا منه.

تتنهد وتخبره أن إخوة يوسف لم يكونوا أشراراً، فقط كان ينقصهم الحب..وتحدرت دمعة.
............................................

سألها مرة أين تعيش، ضحكت وأخبرته أنها مراراً في الأحلام بنت بيتاً من أغلفة الكتب وفرشت أرضياته بالعناوين وزخرفت حوائطه بالحروف.

سألها لماذا تقرأ كثيراً..فأجابته لأن حياة واحدة لا تكفيني.

..........................................

دائماً تغيب قبل الشمس، تبيع الورود منذ الصباح حتى العصر، تشرب القهوة من العصر وحتى ما قبل المغرب، ثم تهرول حتى لو لم يكونوا أنهوا كلامهم.

تشير له من خارج المقهى أن يسامحها، وتشير لساعة وهمية في معصمها لتخبره أنها تأخرت. سألها علام تتأخر، ابتسمت ولم ترد

ثم طلبت منه أن يشتري لها كرز أحمر.
..........................................

تتمدد بجانبه على الفراش، للمرة الأولى تعود معه لمنزله، كان شعرها يفوح برائحة الورد، جسدها يبعث روائح التربة الخضراء، تبتسم وهي نائمة وتتوسد الفراش، تعطيه ظهرها فيرى الوشم بوضوح.

يتحلل الوشم على كتفها، يذوب ويرسم أنهاراً بدلاً منه، تتسع ابتسامتها النائمة، ويلتقط كلمتي الوشم قبل أن يغيبا، يربت على ظهرها ويردد "لست (برسم البيع) بعد الآن"



...........إنجي إبراهيم..............


الخميس، 20 ديسمبر 2012

عن الفتيات الطيبات والمعجزات الصغيرة والتفاصيل

ملحوظة: البنات كلهن طيبات، العالم هو الشرير. إنتهت الملحوظة.

شاهدت فيلم Amilie مؤخراً، مشاهدة متأخرة جداً واستمتاع حرمت منه - دون قصد - لسنوات. الفيلم حرفياً يجب أن ينضم لمجموعة الأشياء المبهجة التي تملأ الكون والتي يمكنها أن تحملنا على العيش بضع أوقات لطيفة في هذا العالم الذي يستمتع بممارسة الغباء على نطاق واسع.

ملحوظة: البنات كلهن يجدن صنع المعجزات، فقط لمن يدقق. إنتهت الملحوظة.

تمتلك الفتاة بالفيلم موهبة الحنان، تبعث للأرملة برسائل من زوجها الخائن كي يبرد قلبها وتستعيد ثقتها بنفسها، وتهمس لزميلتها أن فلان يراقبها وتفعل بالمثل معه فيقع الاثنان بالحب، تسجل لجارها فيديوهات ظريفة لتسري عنه، وتنتقم من البائع الشرير وتبتسم.

أنا أجيد الابتسام، في الحقيقة حياتي مؤخراً لم تجعلني أبتسم كثيراً ولكنني أحاول، أقتنص لحظات الرغي والضحك والنسكافيه، والقهوة ودخان السجائر وتأبط ذراعه في الطريق. لا أصنع معجزات للآخرين، ربما أنتقي هداياهم بعناية، أربت على قلوبهم بالكلمات، أخبرهم كم هم رائعون حتى يشعروا أن الحياة بها بعض العدل. ولكنني لست فتاة الفيلم للأسف ولذلك لم تتغير حياة أي ممن حولي بمعجزاتي.

ملحوظة: الحياة صعبة على الحالمين، تلك أحد جمل الفيلم العبقرية. إنتهت الملحوظة.

التفاصيل، أن تنغمس تماماً في التفاصيل فتصبح للآخرين غريب الأطوار، نجح الفيلم في إبهاري بالتفاصيل، بكل تلك الأشياء التي تحبها الشخصيات وأجاد صانعو الفيلم دمجها على الشاشة. أشعرني أنني لست وحدي المهووسة، هناك الكثيرين يفهمون قيمة أن يكون المرأ متواصلاً مع الذرات التي تشكل أيامه، أن يجلها ويرتب أرفف ذاكرته من أجلها.

أنا أجيد التفاصيل، أجيد صنعها وأجيد الإحساس بها، بالواقع أنا صائدة تفاصيل، ربما هذا ما يجعل للأشخاص في حياتي أماكن غير قابلة للتبديل، كل منهم يحتفظ بتفاصيله ولا يمكن أن نمارس الكراسي الموسيقية في هذا الموضوع بالذات، التفاصيل موضوع حساس فلا تحاول العبث به.

من يجيد التفاصيل يحب من يصطادونها، فمثلاً أنا أتذكر أنني قاربت على لمس النجوم عندما قال لي بعفوية ذات مرة " لما بتضحكي وترجعي براسك لورا وتخبطي كفوفك على بعض..بتبقي كإنك مالكة الدنيا"، حسناً، تلك الجملة يمكنها أن تأسرني للأبد.

ملحوظة: الكتابة كائن حي. إنتهت الملحوظة.

أحب صديقات الكتابة، صديقات الحياة، اللاتي لا أعرفهن، من يستمتعن بمشاهدة فيلم فرنسي بترجمة إنجليزية ويقتنصن التفاصيل ويصنعن المعجزات والبهجة. الكتابة تجمعنا في عالم أرق من ذلك الذي نعلق به جميعاً منتظرين الفرج.

إكتبن، إحلمن، واصنعن المعجزات يا صديقاتي، فالعالم بلا شعور طويلة وكروموزومات XY، وضحكات رنانة وعيون متألقة يفقد الكثير من بريقه.

ملحوظة: يجب على إسراء إبراهيم أن تكتب بانتظام، وربما أيضاً تنضم لبلوجر. إنتهت الملحوظة.


.......إنجي إبراهيم........

الأحد، 2 ديسمبر 2012

فقرة من دفتر المذكرات الضائع

فقدت دفتر مذكراتها، حادث يدعو للحزن في الأحوال العادية، أما معها، فالحادث يدعو للرعب.
.......................................

فقرة من المذكرات المفقودة

حسناً، أنا قبلت زواجه، هو ليس سيئاً لتلك الدرجة، في الحقيقة هو ليس سيئاً من الأساس. فقط لو كان السابق ليس سابقاً لكانت الحياة أسهل كثيراً. المهم أن أتذكر خلع العوينات في كل مرة أجلس معه فيها، هكذا لن أضطر أن أراه بوضوح وسوف يسهل على نفسي التعامل مع فقد الآخر، يمكنني حتى أن أتخيله هو الجالس معي، لعبة سهلة، وسوف تنجح.

....................................

تتكوم على الفراش، تعرف أنها تشاجرت معه هذا الصباح، كان مزاجها متعكراً بسبب فقد دفتر المذكرات، هو لا يعرف أنها فقدته، ثارت عليه، ضايقته بكلمات لا يحتملها الموقف. تركها وذهب للعمل، فقط قبل أن يغلق الباب إستدار نحوها وقال "هتوحشيني".
....................................

فقرة من المذكرات المفقودة

من قال أننا لا نستطيع أن نحب اثنين في نفس الوقت؟؟ أنا أحبه، ولكني لم أنس السابق بعد، لازلت أتذكره وأحبه جداً وأستخدم كلماته، صحيح أنه تركني، وصحيح أنه لم يعبأ أبداً بالاحتفاظ بي، ولكنني لازلت أحبه، ولازلت أخلع عويناتي في كل مرة يقترب مني فيها زوجي.
...................................

تفتح له الباب، يفاجئها بوردات أنيقة ملفوفة بشريط حريري، تبتسم وتخلع عويناتهاوتعتذر له عما بدر منها صباحاً، يقبل رأسها ويخبرها أنها يمكنها أن تفعل ما يحلو لها، سوف يتحملها في كل حالاتها لأنه يحبها. تنظر لعويناتها في يدها وتتنهد.

..................................

فقرة من دفتر المذكرات الجديد

طلبت منه أن أصحح إبصاري بالليزر، وافق بلا مناقشات، الآن أراه بوضوح طوال اليوم، بل أضبط نفسي متلبسة بالاستيقاظ ليلاً لأتأمل وجهه وهو نائم.

فقد فاتني الكثير.



.........إنجي إبراهيم..........

* النص مشاركة في مشروع شهر التدوين الأسبوعي.

الجمعة، 23 نوفمبر 2012

عالم كما بالصورة




في عالم أكثر نقاءاً من هذا الذي نعلق فيه جميعاً، سوف أختار طريقاً هادئاً مظلماً تغطيه ندف الثلج كما بالصورة كي أتمشى معك فيه.

في عالم أكثر رحابة، بلا إعلانات دستورية، ولا رئيس يجهل كيف يقيل النائب العام سوف أختار توقيت ليلي لن أخشى فيه التأخر عن العودة للبيت وأحكي لك عن كل أحلامي اللا منطقية ونحن نمشي تحت المصابيح الزيتية.

في عالم أكثر عدلاً، بلا أتوبيسات يدهسها القطار فيموت أطفال صغاراً وتجن أمهات، سوف أرتدي فستان قصير وأترك شعري يتخلله الهواء وأستمع لحكاياتك الكثيرة وأبتسم.

في عالم أكثر منطقية، حيث لا جرافيتي لشهيد جديد كل يومين وحيث لا يقتل ورد الجناين، سوف نستمع لفيروز في مقهى دافىء ونحن نشرب القهوة ونفكر في دفء منزلنا.

في عالم أكثر رقة، سوف يعطيني القدر المهلة كي أحبك.


.......إنجي إبراهيم.........

* النص ضمن مشروع شهر التدوين الأسبوعي.

الأحد، 21 أكتوبر 2012

تفاهم



شبكت عنيكي عيوني..وعنيكي قلق الصبايا

يتأملها من فوق حافة كوب القهوة ويبتسم، تتنازعها هواجس حول الهالات السوداء تحت عينيها وتفكر لو كان لاحظها وكرهها.

ومنين أجيبك يا سمرا..ياللي عيونك دوايا

يحبها، يفكر في أن ابنتهما لابد أن تكون سمراء، تشبهها، تشبههما معاً، فتاة سمراء تعيش حياة أسهل من حياة أمها وأبيها وإن حملتهما في جيناتها تحت الجلد.

دي عنيكي شبابيك أغاني..بطل منها وبشوف

تحبه، تفكر في أن كل حركاته هي معجزات صغيرة، كيف يرفع يده ليشير لعربات الأجرة، كيف يقطب جبينه وهو يشعل قداحته، كيف يمسك بمقود السياردة في تحكم، وكيف يبتسم في وجهها بحب حقيقي.

ريتك معايا تطوفي..وسط البشر والزحام تشوفي..حيرتي عليكي وخوفي من دي الآلام

تبتسم له، يبتسم لها، يمد يده إليها لينهضها من على الكرسي، ظهرها محنياً وظهره أكثر إنحناءاً، يقبل يدها المرتعشة ويهمس (عيد جواز عظيم يا وزة).


.........إنجي إبراهيم.........

*المقاطع من أغنية (ريتك معايا) لفريق مسار إجباري

الأحد، 30 سبتمبر 2012

إغراء

يقترب منها، يتلفت حوله كي يرى هل يراقبه أحد ممن يعرفونه، يلهث ويقترب أكثر فتبتعد هي.

يفكر في أمه، لو عرفت سوف تشعر بالخزي، سوف تشعر أنها فشلت في تربيته، ينفض عن عقله تلك الأفكار ويخبر نفسه أنه كبر كفاية ليجرب كل شيء، وقد كانت هي مغرية بما يكفي.

تزداد ضربات قلبه قوة، يمد نحوها يديه، يتخيل نفسه فوقها، بم سوف يشعر وماذا سوف يكتشف؟؟

يتلفت حوله مرة أخيرة، يمد يديه، يمسك بها، يضع قدمه الأولى، يتشبث جيداً بحافة السيارة النقل من الخلف، يضع قدمه الأخرى ويطوح رأسه للوراء ويطلق صرخة انتصار هائلة.


......إنجي إبراهيم.........

الأحد، 23 سبتمبر 2012

27 dresses أو عندما تزوجت عزة

في الفيلم كانت البطلة الجميلة مغرمة بمساعدة صديقاتها في يوم العرس، احتفظت بكل ثوب حضرت به عرس إحداهن حتى كان عددهم سبعة وعشرون ثوباً تتفاخر بأنها ساعدت في أن تكون صاحبات الأعراس في قمة السعادة.

أحدثكم اليوم عن ثاني عرس أحضر له وأتعب له ربما أكثر من العروس، بالأمس القريب كان فرح "عزة" إحدى أفضل صديقاتي، لن أتحدث عن عزة بشخصها ربما لكثرة المفارقات بيننا، ولأنها ليست صديقة بالمعنى المفهوم، فعزة دائماً تشعرك أنها أمك، تشخط وتحنو وتحمي وتسبك بأقذع الألفاظ، عزة طيبة جداً ومتسامحة لدرجة الاستغلال، قوية الشخصية وقلبها حامي لدرجة تجعلك تكره نفسك إذا ما كنت مكلفاً بشيء تحت إدارتها.

من يوم عرفتها وعزة تحب إسلام وتخطط للزواج منه، إسلام يحب عزة بجنون ويخطط للزواج منها، من يوم عرفتها وهما يتشاجران ويتصالحان وتمشي الحياة على الطريقة الكوميدية.

بالأمس كان عرس إسلام وعزة، كنت أنا المكلفة بمصاحبة العروس للفندق وتبديل ملابسها وضبط الثوب والطرحة واستقبال الكوافير وتوديع الماكييرة والتقاط صور قبل / بعد الشهيرة.   كان هذا ثاني عرس أكون مسئولة عنه بعد إسراء صديقتي (أم مريم الآن) .

إرتديت أنا ثوباً ذو لون فاتح وحذاء ذو كعب عالي وكنت في أوج أناقتي، ألملم ثوبها وأضبط شرائطه وأرفع شعرها عن عيناها في الاستوديو المخصص لتصويرها هي وإسلام، أنحني عليها في الكوشة كي أتلقى التعليمات وأنفذها حتى ترضى هي عن اليوم كامل الرضا.

أخرج من الفرح وأذهب لوسط البلد كي أشتري لها حذاءاً غير الذي ترتديه لأن قدميها تعبتا من شرائطه وكعبه العالي، أدخل المحل مرتدية ثوب السهرة فينظر لي البائع باستغراب ولا أعيره أنا أي اهتمام، ثم تهاتفني لتخبرنا أن نعود لأنها (تصرفت)، أتعجب منها وأعود للفرح لأجد أنها متصرفتش ولا حاجة، وأجدها تبكي في غرفة مدير القاعة لأن حذائها يؤلمها.

أسبها وأستبدل معها الأحذية، أعطيها حذائي وآخذ حذائها لتستكمل الفرح وهي لا تتألم.

أنا الفتاة التي تذهب مع العروس لعمل حمام البخار ولانتقاء الثوب المناسب، أنا الفتاة التي يصفونها بوصيفة العروس.

أنا فتاة الفيلم صاحبة السبع وعشرون ثوباً لسعادة الأخريات، في نهاية الفيلم حصلت البطلة على جائزتها، تزوجت من أحبته وارتدت السبع وعشرون صديقة أثوابها ووقفوا ورائها في صورة تذكارية.

أنا الفتاة في الفيلم وأنتظر صورتي الخاصة.

مبروك يا عزة..أخيراً اتجوزتي والله ما مصدقة.


................إنجي إبراهيم..................

الخميس، 20 سبتمبر 2012

يشبه الحب

أوجعها تجاهله، ظلت تهاتفه طوال اليوم وهو لا يرد، وعندما عاد لبيتهما ألقى عليها تحية مساء باردة ودخل للفراش.

حاولت الحصول منه على إجابة لتساؤلها، لم يوليها اهتماماً، تعرف هي نذر العاصفة في عينيه، اكتفت بالصمت والانسحاب من الغرفة، وقررت أن تأخذ حماماً طويلاً حتى لا تبكي في الفراش ويسمعها ليلاً.

.....................................................

زخات الماء في الحمام الدافيء تشبه الحب، حضن يحتويها ويدفيء جلدها، تسترخي بين ذراعي الماء وتتركه يتوغل حتى نهايات المسام، تغمض عينيها وتستلم للمسات قطرات الماء لجسدها، الماء يسحب الوجع ويتهشم تحت قدميها، تشعر أنها كاهنة تتخلص من خطاياها في حضن الماء.

....................................................

تخرج من الحمام وهي تلف منشفة كبيرة حول جسدها، تبصره نائماً في الفراش البارد معقود الحاجبين، تتحرك في الغرفة محاولة ألا توقظه، تختلج عيناه فتعرف أنه متيقظ ولكنه يتظاهر بالنوم حتى لا تحادثة.

يوجعها أسلوبه، تفتح دولابها وتلتقط صندوق قديم، تفتح الصندوق وتتأكد أنه هو الصندوق الذي تريده، تغلق الصندوق في عنف وتخرج من الغرفة.

..................................................

العطر يشبه الحب، رائحة تلفها وتجعلها قريبة من أرواح من تحبهم، كل الرجال الذين أحبتهم كثفت روائحهم في زجاجات حفظتها في صناديقها القديمة، كان لكل منهم عطر مفضل، كانت كلما أحبت رجلاً اشترت عطره المفضل واستخدمته، كانت تلك اللمسة تسحرهم، وكانت هي تقدم عليها بحب حقيقي.

كانت تشعر أنها عندما تضع من عطر من تحبه، يبقى بقربها حتى لو سافر آخر الآرض، وعندما كان يرحل أياً منهم، كانت تضع زجاجة عطره في صندوق قديم به أشيائها القيمة.

.................................................

تخلع المنشفة وتتأمل جسدها في مرآة الغرفة، تنظر للصندوق وتبتسم، تتذكر الرجال الذين أحبتهم وتتبادل معهم الحوار في ذهنها، ترى من منهم كان سيعجبه جسدها بعد أن تخطت الثلاثين؟؟ شعرها وهو متموج وداكن اللون؟؟ من منهم كان سيعجبه أظفارها الفرنسية؟؟ التاتو الذي وشمته على كتفها الأيسر؟؟

ظلت تفكر، من منهم يصلح كي تقضي معه الليلة؟؟

..............................................

فتحت الصندوق الذي أخرجته من غرفة نومهما، تأملت زجاجات العطر الملقية بداخله وتحيرت.  مر من أمام الغرفة التي تقف فيها ولم يهتم بسؤالها لماذا تقف عارية أمام المرآه، تجاهلته وتنهدت.

أغلقت باب الغرفة وتناولت زجاجة العطر الفضية، همست أن "مساء الخير يا جميل..وحشتني" ورشت زخات حول رقبتها وعلى صدرها.


.............إنجي إبراهيم.............

الأربعاء، 19 سبتمبر 2012

يمكنني أنا أيضاً أن أتحدث عن الحب

يمكنني أنا أيضاً أن أتحدث عن الحب، بجلستي تلك على الأرض الباردة محنية الظهر فوق اللاب توب وأنا أرتشف الشاي بلبن من المج الذي كان مخصصاً للنسكافيه في العمل الذي تم تسريحي منه بمنتهى التعسفية والظلم.

يمكنني أن أتحدث عن الحب رغم أنني أتصبب عرقاً بالرغم من الحمام البارد الذي أخذته حتى أتحث بمزاج، ولتساعدني الأقدار، هناك في تلك اللحظة تحديداُ نسمة هواء تخبرني أن كل شيء سيكون على ما يرام.

يمكنني أن أتحدث عن الحب طالما فيروز تغني في أذني أنه لا يجب علي أن أسأله ما الخبر طالما أنه جاء يعتذر*.

يمكنني أنا أيضاً أن أتحدث عن الحب، أستطيع أن أخبركم أن الحب يكمن في سي دي لفيروز، لا بل بضعة سيديهات بها أغنيات لم أسمع بها من قبل، تتغني فيها فيروز بأثواب الشجن الخالص، بضعة سيديهات تأتيك هدية تعرف كيف تخترق القلب لتتربع.

لحظة حتى أقوم بتبديل السي دي، حسناُ، هاهي الآن تغني سلملي عليه، تطير أمنياتي وأمنياتها أن تبوس عنيه لتعبر الليل، ولتقول له أن "عيونه مش فجأة بينتسوا..ضحكات عيونه ثابتين ما بينقصوا"*.

طقس تبديل السي دي في حد ذاته يسحرني، أن تبدل الاسطوانات كما كانوا يفعلون مع الفونوغراف في الماضي، ياله من سحر يشبه أن  يتم ضمك فجأة في الطريق لطبع قبلة على جبينك حتى تكف عن الهذيان المضحك.

أن تفض الغلاف الشفاف للسي دي، ذلك طقس حميمي يشبه أن يتلمس أحدهم الطريق لروحك، "فهمت عليي كيف؟"* كما تقول فيروز الآن. هل اقتربت من الكلام عن الحب أم أنك لم تكتف؟؟

يمكنني أن أتحدث عن الحب، رغم أننا في سبتمبر الحار، والذي لم يكن حاراُ في الماضي  مما يعطيك مؤشراً واضحاً عن الصعوبات التي يواجهها جيلنا في كل شيء، حتى في الجو. سبتمبر الحار الذي تكافئني فيه الحياة على احتمال الحر بالكثير من الكلمات الحلوة، والوعود التي تحمل نفحات رطيبة بها الكثير من الأمل.

يمكنني أن أتحدث عن الحب رغم كل شيء، لست أسامة منير بالطبع، ولكني يمكنني أن أتحدث عن الحب لأن "لي فؤاد إذا طال العذاب به، هام اشتياقاً إلى لقيا معذبه"* يا الله، يمكنني - بالطبع -  أن أتحدث عن الحب طالما الرحبانية وفيروز يستمرون في جلد قلبي بتلك الكلمات.

يمكنني أن أتحدث عن الحب، ذلك الوخز في القلب، الوخز الغير مسبب، ربما خوفاً من القادم أو مطاردة من الماضي، وخز يوجع القلب ويعده بالكثير، يثبته في وجه الأجواء السخيفة، وخز لا ينزف دماً، فقط ينزف عصارة تاريخ وعشرة و"خبز وملح ورضا"*.

يمكنني أن أتحدث عن الحب، لا تتخيل أنه لتعقيدات حياتي المتكررة لا يمكنني أن أحدثك عن الحب، أنا فقط أؤمن أن مشاعرنا تشبه تخطيط القلب الكهربائي، طالما هي داخل صدرك فأنت تحيا وتتنفس وتحب وتكره وتسب وتضحك وتحلم، ما أن يصر الطبيب على رسمها على الورق، لن تحصل سوى على خطوط متعرجة سخيفة لا تعبر عن تاريخك.

أنا أؤمن أن الحب داخلنا أعمق وأصدق وأكثر تعبيراً، لذلك لا أترجمه كثيراً لخطوط سخيفة عبر رسام القلب الكهربائي.

يمكنني أن أتحدث عن الحب، ولكنني سوف أحتفظ بدقات قلبي بداخلي، وأستمع لفيروز وأستمتع بسياط صوتها تعذب القلب وتجعله يتمنى أن يحكي.

يمكنني أن أتحدث عن الحب ولكن، هل فهمت ما أعنيه؟؟؟؟


.........إنجي إبراهيم..........

الكلمات ذات علامة ال* تشير لمقاطع من أغنيات فيروز، تلك السيدة التي سوف أقابلها في الجنة بالتأكيد.

الجمعة، 7 سبتمبر 2012

حضن أثيري



يحادثها عبر الأثير، تفتح الكاميرا وتنظر له من وراء الشاشة، تبتسم، يبتسم، يسألها هل تغير شكله؟؟
تجيبه أن جسده امتلأ قليلاً وتكمل الجملة في ذهنها وتخبره أنه أصبح يصلح تماماً لحضن طويل.


.......إنجي إبراهيم.......

الأربعاء، 29 أغسطس 2012

سيجارة وحيدة لشرفة لا يتلصص عليها أحد

تتقلب في الفراش، تشعر بثقل الهواء ويشعرها تعرق جسدها بالاشمئزاز، تقلب الخيارات في رأسها، يمكنها أن تنهض لتأخذ حماماً ليلياً يساعدها على النوم بلا عرق، أو يمكنها أن تتخفف أكثر من ملابسها الخفيفة أصلاً.

تنزع قميص نومها وتتمدد بالبيكيني على الفراش، تفكر أن الحياة يغريها أن تكون سخيفة، الحياة ليست سخيفة لأن ذلك هو الواقع ولكنها تمارس السخف كهواية محببة، تبتسم للفكرة، الحياة تحب أن تكون سخيفة، لا بأس بهذا أبداً وعليها أن تتقبل الأمر بصدر رحب، فكلنا نتخذ هوايات محببة لا تروق للآخرين، هي مثلاً يعجبها أن تدخن السجائر رغم عدم احتياجها القوي للنيكوتين، يعجبها شعور الدوار الذي تسببه السيجارة.

ولذلك يمكنها أن تمارس هواية التدخين، ويمكن للحياة أن تمارس هواية السخف.

تتذكر التدخين فتنهض، ترتدي قميصها الأبيض الرسمي الذي ترتديه في اجتماعات العمل وتترك الأزرار مفتوحة، تخرج للشرفة بشعرها المنكوش وأزرار القميص المفتوحة والبيكيني الظاهر من تحته بوضوح وتشعل السيجارة.

تراقب خيوط الدخان وهي تتشكل، تسحب أنفاساً تدوخها قليلاً، تستند لسور الشرفة وتفكر أنه كان سوف يكون من اللطيف جداً أن تجد يدين تحوطان خصرها عندما تدوخ من تأثير السيجارة. تبتسم وتنظر حولها لعل أحد الجيران المراهقين يتلصص على جسدها الظاهر من تحت القميص فتوسعه بذاءة من لسانها السليط. لم تجد، يا للأسف سوف تضطر أن تذهب للفراش بعد أن تنتهي من السيجارة دون أن تتظاهر أنها تغضب لأن أحدهم ينظر لجسدها، لا بأس إذن.

تنهي سيجارتها وتعود للفراش، لازال الحر قائماً ولا زالت ترفض فكرة أن تأخذ حماماً، ذلك هو اليوم الثالث لها بلا استحمام، هي التي تقضي فواصل يومها تحت الدش. لماذا لا تستحم لمدة ثلاثة أيام؟؟ لأنها من حقها أن تمارس هواية التعفن في ظل إصرار الحياة على ممارسة هواية السخف. هذا هو العدل.

تنهض وتنظر من بين طيات النافذة، سوف يروقها أن ترى أحد الجيران المتلصصين يتسائل في حيرة عن كنه تلك المجنونة صاحبة القميص المفتوح والسيجارة. لم تجد، ربما عليها أن تفصح أنها لم تكن ستغضب إذا تلصص عليها أحدهم، ربما عليها أن تعترف أنها سوف تشعر انها مرئية وأنها سوف تهز له رأسها محيية.

ربما عليها أن تعترف أن تلصص أحدهم عليها يعطيهاً حيزاً من الزمن في ذاكرته، ربما يحكي لأصدقائه عنها، ربما بهذا تجد مكاناً على الأرض التي تقف فوقها وحيدة.

حسناً، قد اعترفت بحاجتها أن تكون مرئية وأن تشغل بال أحدهم حتى ولو على سبيل الاستنكار. وقررت على إثر الاعتراف أن تخرج مرة أخرى لتدخن سيجارة ثانية عل أحدهم يكون هناك.

خرجت، وداخت من انفاس السيجارة، واستندت للجدار وحدها دون أن تلتقطها أذرع أحدهم.

نظرت حولها فلم تجد المتلصص، فبكت ونامت في حضن عرقها ذو الثلاثة أيام.


.........إنجي إبراهيم.............

الخميس، 9 أغسطس 2012

السبت، 4 أغسطس 2012

مس العشق

تقول لها زميلتها "انتي مجنونة..متقعديش مخففة هدومك أوي كدة..انتي متسمعيش عن المس؟؟"

تنظر لها وتبتسم، تتذكر أن إحداهن قالت لها يوماً أنها رأتها بالحلم محبوسة داخل بئر تتطلع للقمر وتبكي، صدقتها، وآمنت أن انكسار روحها سببه سقوطها بالبئر.

تخرج من الحمام منتعشة، تلف البشكير حول جسدها والمنشفة الصغيرة حول شعرها وتقف أمام المرآة، تتعطر من قنينة عطر صغيرة أخبرها يوماً أنه سوف يستخدمها في أول ليلة لهما معاً، تضع قطرات صغيرة من العطر حول رقبتها وتغمض عينيها وتتذكر.

كلما سافرت على الطريق ليلاً، ترى فتاة ذات شعر طويل تتسلق أعمدة ضغط الكهرباء وتمد يديها لتمسك بالقمر، هي لا ترى الفتاة بوضوح، فقط ترى سيلويت جسدها وشعرها المتطاير، يداها الضارعتان للأعلى، والقمر البعيد.

تقول لها زميلتها "متغنيش ف الحمام، متستهزئيش بكلامي عن المس، إنتي مجنونة"

تترك شعرها حراً، تقلب في صورهما معاً، لازال أثر الحمام منعشاً ورائحة العطر تملأ المكان، تتذكر أن فتاة أعمدة الضغط التي تحاول أن تمسك بالقمر في نفس حجمها تقريباً، ربما حافية أيضاً، تقلب في الصور، ترى صورة لها معه وخلفهما الشمس، لم يظهر في الصور سوى سيلويت لهما معاً، تدقق في ظلها وتتذكر فتاة القمر.

تقول لها زميلتها "متغيريش هدومك والشبابيك مفتوحة، صدقيني المس دة حاجة حقيقية وعلى فكرة انتي مجنونة"

تتذكر أن إحداهن قالت لها يوماً أنها كانت بالبئر تبكي، والقمر كان ينظر لها من الأعلى، علام كانت تبكي؟؟ أم أنها كانت تتنبأ لها بالوجع؟؟

أخبرتها يوماً آخر أنها رأتها بثوب أبيض تبكي، وأن الكحل كان يغرق وجهها، كانت عروس باكية بالحلم، وكان القمر شاهداً. هل كانت تتمنى لها الحبس في هلاوس الأحلام المقبضة؟؟

تقول لها زميلتها " يا مجنونة، سمعتي عن مس العشق؟"

تمد أطراف أصابعها ناحية القمر وتهمس " سمعت عن مس العشق".




...........إنجي إبراهيم......

الثلاثاء، 24 يوليو 2012

أزمنة مختلفة لذات الحكاية

بعد الميلاد / في الحاضر

تلقي بنفسها على الفراش بجانب صديقتها، تبتسم رغم كل ما يحدث وكل الحكي الذي يثقل الاثنتين حتى أن الفراش كاد ان ينوء بهما. تنظر للسقف وتحدثها بصوت عالي " تعرفي..انا نفسي تقاوحي عشان مشوفش نفس القصة بتتكرر" وتغمض عينيها وتبتسم.

من تحت الركام/ في اللقاء الثاني

"من غير كسوف..قلتي انا عاشقاك..أنا بعترف بهواك..انا من ز........."
يمد يده ويغلق مشغل الموسيقى، ينظر له صديقه ثم يقول له ممازحاً " انت رخم..افرض هي عايزة تسمعها" وينظر لها الاثنان في مرآة السيارة، تبتسم وتخبر صديقه أن "لا خلاص اطفيها" وتركز عينيها عليه في المرآة، يحك ذقنه ويراقب الطريق وتغمض عينيها وتبتسم.
عندما لم ير الجبل متصدعاً / ما قبل اللقاء الثاني

يخبرها أنه بالإمكان أن يكونوا أصدقاء، أن ما مضى قد مضى وتغير الاثنان، أنه بالإمكان أن يوجدوا مستقبلاً مشتركاً بينهما كصديقين يفهمان بعضهما جيداً "ثم احنا أصلاً كنا اصحاب م الآول قبل أي حاجة".

عندما حفر في الروح أخدوداً بيديه / ماضيهما المشترك المتكرر

"لقد اتخذت قراراً أود منك ان تساعديني عليه..أنا مش هكمل..وانتي هتنسي" دون الدخول في تفاصيل، كانت تلك المرة الأولى لموتها. ولم تكن الأخيرة.

من قبل العالم / عندما كانت ساذجة جداً

أخبرته أنها تحبه، وأنها ستنتظره، فرحت بكلماته، بلفتاته، بهداياه القليلة جداً، أهدته أجزاء من روحها ملفوفة بقطيفة زرقاء يحبها، قنعت منه بالقليل وأحياناً اختلقت ما تقنع به من رحم ال..اللاشيء.
بعد الميلاد 2 / في الحاضر

تربت على يد صديقتها، تضحك الاثنتان على عمر نزف حتى جفت شرايين الزمن، تسألها "حاسة انكوا اصحاب..صح؟" تبادرها بابتسامة عريضة قائلة بحماس "جداااااااااااااااا" وتنفجر الاثنتان في ضحك دامع.

تربتان على قلبين يعرفان ما يخفياه جيداً، وتطفئن النور كي تتحدر دمعة في عتمة تشابكات القدر.


.........إنجي إبراهيم............

الثلاثاء، 17 يوليو 2012

الفتاة البلاستيكية القابعة بالمكتب

الآن، في تلك اللحظة تحديداً، تقبع فتاة بلاستيكية في المكتب الواقع أسفل مكتبي مباشرة.


هل تعرف ذلك النمط من الفتيات دائمات الابتسام المنتعشات دوماً؟؟؟ الفتيات اللاتي يعملن دائماً في مجال التسويق وخدمات ما بعد البيع أو في الاستشارات التي تبيع لك الهواء معبئاً في زجاجات عليها بطاقات سعر بأرقام فلكية.


الآن تقبع إحداهن في المكتب الواقع أسفل مكتبي، بابتسامتها الدائمة التي تشعرني بالتوتر وتجعلني أرغب في الصراخ في وجهها اعتراضاً، لا أعرف اعتراضاً على أي شيء تحديداً ولكنني معترضة على بلاستيكيتها المفرطة. أعرف أن عملها يحتم عليها ذلك، ولكنني تجاذبت معها أطراف الحديث (جملة مستهلكة أوي تجاذبت أطراف الحديث دي) ولم تفارق الابتسامة شفتيها للدرجة التي أفقدتني صوابي تماماً، لا أعرف لم تبتسم دائماً في كل الأوقات، إبتسامتها مخيفة، أشعر أن ما يدور في عقلها مختلف تماماً عن تلك الابتسامة البلاستيكية الدائمة. ربما لذلك أتوجس منها.


أشعر دائماً أنها تكره محدثها وأنها تتمسك بتلك الابتسامة لتكمل مظهرها البلاستيكي، شعرها المنسدل المائل للاصفرار وملابسها الرسمية وبياض بشرتها وكعبها العالي، ينقصهم الابتسامة المصطنعة التي لا تغير شيئاً من ملامح الوجه سوى زاوية ميل الشفتين.


دائماً أشعر أنها تضمر الأسوأ، وأعرف أنني مخطئة تماماً، وأنني أهول الأمور وأضعها في غير نصابها ولكن....


هناك فتاة بلاستيكية تقبع في المكتب الواقع أسفل مكتبي مباشرة.






............إنجي إبراهيم.............

السبت، 7 يوليو 2012

رضوى أسامة

لي أصدقاء لا يعرفون أنهم أصدقائي، وهي منهم.

عن رضوى أسامة أحدثكم اليوم.

أعرف رضوي أسامة ربما منذ 2009، عاصرت معها الكثير من الأحداث عبر مدونتها الشخصية والحميمة جداً "هكذا أنا"، عشت قصة حبها التي لم تكن أسطورية جداً، ورأيت صور فرحها المرتجل في حديقة الأزهر، ثم طعنني طلاقها وجعلني أنام باكية عدة ليال، فرحت لها عندما اقتنصت الماجيستير وأترقب حصولها على الدكتوراه قريباً، ومن على نفس المسافة، عبر مدونتها الشخصية.

أعرف رضوى أسامة جداً، هي الفتاة التي تكتب بحبر قلبها، تدخلني في تفاصيل حياتها فأشعر أنني أقوى، ربما لا تعرف رضوى أسامة أنها ملهمتي، ولكنني أخبركم أنها كذلك.

كل زلزال في حياة رضوى رافقه زلزال في حياتي أنا الأخرى، ربما كانت زلازلها أقوى، ولكن بالطبع هذا لأنها هي في الأصل أقوى مني.

أستلهم طريقتها في الحياة، رضوى تجيد فن الحياة والحب، رضوى تعرف كيف تكون إنسانة جميلة، وأشاهدها أنا وأتعلم منها الجمال.

الفضاء الرقمي جعل كل شيء متاحاً، أعرف حساب رضوى أسامة على فيس بوك، ولن أفكر في إضافتها لقائمة أصدقائي أبداً، لن أجعلها وجه معتاد في يومي، فلتحتفظ بخاصية أن تكون بونبوناية أفرح بها على فترات، فأنا أنتظر كتباتها بشغف وأستعد لقراءة تدويناتها بابتسامة وكوب نسكافيه قوي وجلسة مريحة.

لرضوى عيوب لغوية لو ارتكبها أي مخلوق غيرها لسلخته في ميدان عام، ولكنني مع رضوى أتناسى تحيزي الشديد للغة الصحيحة وأتجاهل أخطاء نحوية أو إملائية أو تعبيرية ترتكبها عن دون قصد، فضلاً عن أخطائها تلك - على قلتها - تشعرني أنها إنسانة جداً، لا تتمسك بمقود اللغة جداً وتسهو فتخرج كتابتها حميمة جداً كأنما بعثت من قلبها لقلبك مباشرة.

رضوى أسامة، تلك الفتاة الساحرة التي لا تعرف أنها صديقتي، والتي تعيش الحياة بنفس البساطة التي أتمناها دوماً تبهرني في قدرتها على التكيف، هي رائعة بكل المقاييس، تتكيف مع الحزن حتى تروضه، تتكيف مع الفرح حتى تتشربه، تتكيف مع الغربة حتى تألفها، تتكيف مع التكيف ذاته حتى يصير حيوانها الأليف الذي يطيعها تماماً كما تفعل قطتها لي لي.

رضوى أسامة، لو أمكنني أن أختار أن أكون شخصاً آخر في حياة أخرى، لوضعتها في قائمة اختياراتي التي تتضمن فاتن حمامة وجوليا روبرتس وأوبرا وينفري.

رضوى أسامة التي لا تعرف أنها صديقتي، شكراً جزيلاً.


.........إنجي إبراهيم........

الجمعة، 6 يوليو 2012

واتغزل فيا





كان عاصي الرحباني يقف في وضعية الاستعداد للتصوير، وتقف ست الحب والجمال في مقابله تحمل الكاميرا، فطن هو أنها تبدو فاتنة بالكاميرا في هذا الثوب البريء.


ولأن عاصياً كان عبقرياً، وعرف أن الزمن لن يفوت تلك اللقطة نفخ صدره في محاولة لإضحاكها، ولأنها بريئة جداً، ولأنها تحبه جداً، ضحكت.


إنتبه الزمن أن تلك اللقظة لا بجب أن تفوت فالتقط لها تلك الصورة.




.........إنجي إبراهيم........


التدوينة إهداء لمرام..صديقتي الجميلة التي عثرت على الصورة وشاركتني بها، والتي منحتها ذات عنوان التدوينة.





الاثنين، 2 يوليو 2012

تغييرات جذرية

أتذكرها.

فتاة سمراء طويلة، ترتدي جونلة بيضاء فضفاضة وخلخال فضي، بلوزة زرقاء وإيشارب أبيض، تحتضن كتاباً وتتقافز بجانبه.

أتذكره.

شاب أسمر طويل، يرتدي قميص فاتح وبنطلون جينز، يتحدث لها ويمشي بثبات بجانبها.


الآن، تمزقت الجونلة البيضاء، زاد وزن السمراء فلم تعد قادرة على التقافز، كف هو عن التحدث إليها.

ولم تعد الحياة بتلك الرحابة.


........إنجي إبراهيم.........

الخميس، 28 يونيو 2012

Over

لماذا أبكي وأتأثر كثيراً عندما يخبرني أحدهم أنني Over؟؟؟

طب ما انا فعلاً كدة.

أنا أصرخ كثيراً وأضحك بصوت عالي جداً.
أختنق وأتضايق وأشعر أن الهواء لا ينفد إلى صدري عندما أتشاجر مع أحدهم أياً كانت ماهية هذا الأحدهم في حياتي.
يمكنني أن أحرم من النوم لأيام إذا شعرت أنني تصرف بطريقة خاطئة في موقف كان يتطلب تصرفاً آخر.

أنا فعلاً Over

أركب الهوا طوال الوقت لأنني أشعر بالخضة بسهولة.
مهما توعدت وهددت أصفو بمجرد أن أشعر من أمامي يبدو عليه أنه متأزم لما ألحقه بي.
أتحمس جداً طوال الوقت وحتى لأشياء تافهة.

أنا فعلاً Over

أحب بعمق وأكره كراهية عمياء.
لدي وسواس قهري ناحية من احب، أشعر أنني سأفقده حالما نتشاجر أول مشاجرة عابرة.
أحب بجنون وتفاني مثير للإعجاب وعند الشجار ليس لدي مانع إطلاقاً في أن أثير أعصاب من أمامي حتى يكسر رأسي.

انا فعلا Over

أنا لا يمكنني أن أحايد أي شيء، فإما أنا معه بشدة أو ضده للأبد.
إما أستمتع للغاية بطريقة تشعر من حولي أنني ماجنة وإما أن أمارس صمت القبور.
أبكي وأدبدب في الأرض عندما يجرحني أحدهم ثم أنسى الموضوع برمته وأقنع نفسي أنني لست بهذا السوء.

أنا فعلاً Over

أنا أكره الوزن الزائد بطريقة هستيرية وآكل بشراسة.
إنطباعاتي عن الناس تدوم بطريقة مبالغ فيها.
أتحيز بشدة لما / من أحب.

أنا فعلاً Over .. طب بزعل ليه بقى م البشر لما يقولولي اني Over؟؟؟

.........إنجي إبراهيم...........

الأربعاء، 27 يونيو 2012

نصف التفاتة

كل ما يشغل بالي الآن هو الهروب.

يخفق قلبي بشدة عندما أسمع كلمات مثل سفر/ قطار/ بعيد وأحن إلى بلاد لم أرها في حياتي.

كل ما يشغل بالي الآن هو أن أهرب، فرصة لالتقاط الأنفاس، بدلاً من التكتيكات المعتادة في الإكتئاب والتي أمارسها بنجاح شديد (آكل بكميات خرافية / لا آنام / يوجعني قلبي بشدة)، كل ما يشغل بالي هو كيف أفر، تشغلني حسابات التكلفة لقضاء أسبوع في أي مكان مع علمي التام أنني لا أمتلك شيئاً.

كل ما يشغل بالي الآن هو أن الحياة بعيداً عن كل شيء هي قطعاً حياة محتملة، أغرق في خيالات عن أماكن أخرى بلا أعباء، لا أريد سوى أسبوع واحد، أسبوع واحد في مكان ما بعيد جداً لا يتكلم العربية، مكان لا يعرف الشمس والحر، حيث يمكنني أن ألتقط أنفاسي اللاهثة التي كدت أفقدها تماماً.

كل ما يشغل بالي الآن هو أن أدير ظهري في نصف التفاتة، لن أهرب بالكامل، أنا أتحمل تبعات قراراتي وأحمل حياتي على كتفي ولن أفر للأبد، فقط نصف الفاتة تكفيني كي أستعيد ذاتي قليلاً.

أنا مذعورة، ووحيدة للغاية، حولي الكثير من الضوضاء والصراخ الأناني الموجع، فقط سوف أستدير، أهرب إلى أي مكان، أبكي بصوت عالي، أناجي السماء، أضحك، أتكلم لبشر ليسوا من ثقافتي وليس لديهم نفس ميراث القهر.

أريد أن أذهب لأكلم الله في مكان آخر، أريد الذهاب للبحث عنه هناك، في أي هناك، سوف اجده وسوف أرتاح. سوف يستمع إلي بعيداً عن كل تلك الضوضاء المزعجة ووجعي المتواصل.

كل ما يشغل بالي الآن هو الهرب، وعندما أركز قليلاً أعرف أنه في الحقيقة، كل ما يشغل بالي الآن هو استحالة الحصول على تلك النصف التفاتة.


...........إنجي إبراهيم............

الثلاثاء، 26 يونيو 2012

صديقتي السماء

ألا ترى أن السماء أوسع؟؟


أنا أراها أوسع، بمعنى أكثر دقة صرت أراها أوسع، لم أكن أنتبه من قبل أن السماء بكل هذا البراح، كنت مازلت أستطيع أن أرى البراح على الأرض، الآن صارت السماء هي المتنفس الوحيد لي لأرى البراح، والراحة، وأن أتمنى عالم خيالي أفضل.


أعرف أنها هلاوس غير قابلة للتفسير ولا التحقيق، ولكنني - صدقاً - صرت أهرب بالنظر للسماء، انعقدت بيني وبينها صداقة من نوع غريب، عندما تطول المسافات أخرج رأسي من شباك السيارة وأنظر للسماء، عندما تحتد المناقشات بيني وبين أحدهم أرفع رأسي للسماء كي أتنفس، عندما أمشي في شارع مزدحم وأختنق من البشر ألوي رقبتي للأعلى وأتوقف عن لعن الحياة قليلاً ثم أعود.


يذكرني الأمر بمن يغرق في البحر، كلما سحبه الموج نحو القاع، قاوم بشدة حتى يخرج رأسه من الماء، يشهق بشدة ثم يستسلم مرة أخرى للشد لأسفل، أنا أيضاً صرت أشهق نظراً للسماء كلما ضاقت، وأنتظر الشدة الأخيرة التي لن تمكنني من التقاط الأنفاس مرة أخرى.


عندما أنظر للسماء تنتابني خيالات غبية، مثلاً أتخيل أنني لو مشيت في السماء سوف أستمتع بالفرجة على البشر من الأعلى وسوف أضحك كثيراً على كل هذا العبث، أتخيل أن السماء أكثر هواءاً من الأرض وأنني لن أشعر بالحر، أفكر في أنني فقط سوف أضطر لأخذ بوصلة معي حيث أن كل هذا البراح لن يمكنني من معرفة الاتجاهات، ثم أتعجب من الفكرة لأنني في السماء لن أحتاج بوصلة إذ أنه لا مكان بالأعلى كي أقصده، أتخيل أنه في السماء سوف أتمكن من المشي بملابس قصيرة أو عارية وبلا حجاب لأنني سوف أكون وحدي بعيداً عن الكائنات الغوغائية بالأسفل.


صارت السماء مكاناً أقصده يومياً، أقنع نفسي أنني صرت أحفظ تضاريس السماء، فأنا مثلاً أستطيع أن أفرق بين السماء فوق طريق العامرية الذي أقصده يومياً لعملي وبين السماء فوق كافيه دايف ببحري، أستطيع أن أفرق بين السماء فوق المدينة والسماء فوق البحر، أعرف أن تلك الفكرة تقترب من حدود الهذيان بشدة، ولكنني مقتنعة بها تماماً، مقتنعة أنني أحفظ تضاريس السماء التي هي بلا تضاريس أساساً.


السماء صارت صديقتي، ولأنها صديقتي فهي تتفهم كراهيتي للنظر لها في الظهيرة، وشغف قلبي وللعه بالنظر لها بعد المغرب، عندما يبدأ الأزرق الساحر في صبغ المشهد وتتناثر حبات اللؤلؤ على صفحة وجهها.


صديقتي تعرف أنني أبتهج عندما أراها جميلة، أشعر أنني يمكنني أن أقاوم الأرض فترة أطول طالما هي تمنحني هبة النظر لها يومياُ، أسر لصديقتي بأشياء كثيرة وأدعو الله الساكن فيا دائماً.


صديقتي التي صادقتني دون أن تسألني عما يحدث من حولي، ودون أن تعطي نفسها حق تقييم مواقفي وقراراتي، صديقتى السماء التي أصلاً لم تطلب مني أن أبادلها العطاء ولم أمنحها أي شيء سوى الكتابة عنها.


صديقتي السماء، متى أصبحت صديقتي في غفلة مني؟؟؟؟؟؟؟؟


..........إنجي إبراهيم..............


الاثنين، 25 يونيو 2012

عن معجزات الأمس

يمكنني أن أتجنب الحديث عن الألم قليلاً، وأحكي لكم قليلاً عن شعوري بعد فوز محمد مرسي بكرسي الرئاسة أمس.


من يعرفونني يعرفون أنني لست إخوانية، ولا أشجع سياسات الإخوان على الإطلاق وأثق بغبائهم المطلق في التعامل مع الشارع. يعرفون أنني أتفق على غرور الإخوان ولا أوافق على اتهامهم بالتواطىء، يعرفون أنني م الآخر مبزيطش ف الزيطة.


أمس، ربح الدكتور محمد مرسي كرسي الرئاسة، حسناً، سجل يا زمن، أنا مبسوطة ومش معترضة، رغم عدم تصويتي له في الجولة الأولى لأنني كنت أعارض أن نستبدل النظام السابق بنظام جديد مع علمي التام باختلاف الإخوان عن كفار الحزب المنحل، ولكن المبدأ في حد ذاته لم يكن يعجبني.


على كل حال، صوتت في الجولة الأولى لحمدين صباحي، والذي أندم الآن أشد الندم أنني وثقت فيه، هذا المغرور الميت على السلطة والذي لم يقدم مصلحة الوطن في أي من المراحل وكنت أنا عمياء عن ذلك.


ما علينا


المهم يعني، أمس فرحت عندما قال المستشار سلطان - بعد شهر الهري اللي هراه دة - أن مرسي هو الرئيس، بالطبع جزء كبير من فرحتي كانت بسقوط الشفيق أحمد فريق، ولكنني كنت أيضاً سعيدة أنني أشهد إحدى معجزات الله تتحقق.


تلك كانت معجزة ربانية بكل معاني الكلمة، من منا كان يتوقع أن يخرج الإخوان من السجون ليحكموا، تلك فاقت أن يحكم زنجي أمريكا - إنظر انتخابات أوباما وبوش - شهدت معجزة وأنا في الرابعة والعشرين من العمر، شكراً يا الله.


من منا كان يتخيل له في أقصى أحلامه المريضة أن تكون سيدة مصر الأولى ترتدي ملابس أمي وجارتنا وأمك أيها القارىء - أيوة امك انت - تلك معجزة يا حضرات، معجزة حقاً.


أمس كانت معجزات الله تتوالى علينا ونحن معرضون، رئيس الجمهورية يتحدث عن سواقين التوكتوك - ياللهول - أضحى لدينا رئيس جمهورية يعرف أن في مصر تكاتك، رئيس جمهوريتنا يقول أهلي وعشيرتي بدلاً من أن يرفع أنفه في وجهنا ويغمغم ( الإخوووووووة والأخوات) يا الله، رئيس جمهورية يعمل أخاه مشرف في وزارة الإسكان. لا تعليق والله.


أصبح لدينا رئيس جمهورية يهاب الكاميرا - ولى عصر من يزغرون للمشاهدين في قسوة - رئيس جمهورية يرتاد المواصلات العامة وإسم زوجته يشبه تسعون بالمائة من أسماء السيدات في مصر، رئيس جمهورية بدقن يا جدعان.


أصبح لدينا رئيس جمهورية خريج معتقلات، رئيس جمهورية لا يرى أن ملاعب الجولف هي أقصى طموحات الفلاح المصري، رئيس جمهورية يبتسم بخجل عندما يرفع رئيس الحرس يده بالتحية، أحيه، اللي بيعرف يزرغط يرقعلنا واحدة لجل النبي.


لا أسامح الإخوان فيما حدث، لا أغفر لهم تهليلهم لبكري عندما خاض في عرض البرادعي، لن أنسى شكرهم للعسكر في كل المناسبات، لن أمسح من ذاكرتي صورة الكتاتني يتذلل لأحمد عز ولن أعترف بحقهم في نسيان دماء من ماتوا.


لن أنكر تخاذلهم عن نصرة المقتولين غدر، ولن أغض الطرف عن غلطاتهم الفادحة في حق الأرض والعرض والدنيا والدين.


لن أتخلى عن وجهة نظري في أنهم لا يهتمون بآراء الشارع وتأخذهم العزة بالإثم كثيراً، ولن أخفض صوتي وأنا أنعتهم بالغرور والتحجر في عدم تقبل آراء الآخر وفي وفساد قياداتهم.


ولكنني أستمتع باللحظة التي أراها جديرة بالاحتفال.


بقى عندنا رئيس مدني منتخب..يا حلاوة المولد.




..........إنجي إبراهيم.............

السبت، 23 يونيو 2012

حدوتة روكسانا والأمير

فلنسميها روكسانا إمعاناً في التمويه.

كانت روكسانا مكتئبة، تشعر أن الحياة في منتهى السخف واللامنطقية، كانت مكتئبة للدرجة التي جعلتها تغضب على حبيبها الأمير لأنه تشاجر معها مشاجرة عابرة.

كانت روكسانا تحب المزيكا جداً، وقد ظلت تستمع طوال الليل لفيروز علها تهدىء روع قلبها الغارق في الكآبة..

حاول الأمير أن يسترضيها ومنعها اكتئابها من أن تعود مرحة وعادية، استغرقها الأمر يومين كاملين حتى انتبهت أنه لا يجب أن تغلق عقلها في وجه حبيبها الأمير.

طلبت روكسانا من جاريتها أن تعد الحمام، تحممت وتعطرت، أغلقت قلبها على اكتئابها الشديد وقررت أن تبدأ في التظاهر أنها بخير وبالطبع سوف ينقلب التظاهر حقيقة وتكون بخير فعلاً.

ارتدت روكسانا ثوب أحمر عاري الكتفين كان حبيبها الأمير جلبه لها من غنائم حربه الأخيرة، تعطرت وارتدت الحذاء الأسود ذو الكعب العالي وقررت أن تفاجئ حبيبها.

أغلقت روكسانا محبس الغاز وانطلقت في اتجاه قصر الأمير قاصدة طريق الكورنيش، تأخرت كثيراً لأن عربتها ذات الأحصنة البيضاء لا تجد لها مكاناً وسط التاكسيات التي تغرق المدينة.

كانت روكسانا في تلك الأثناء تغلق أذنيها عن الاستماع للمهرجانات الشعبية التي تغرق الشوارع من حولها، تحاول أن تسيطر على اكتئابها الذي فاق المدى، وتفكر في حبيبها الأمير وأنها يجب أن تتمهل في الغضب منه قليلاً وأن تراعي أنه لتوه عائد من غزوته الأخيرة ضد جيوش الأعداء التي كانت تحاول الهجوم على إمبراطوريتهم.

كانت روكسانا مكتئبة جداً، وتشعر باللاجدوى، ولكنها طمئنت نفسها أن حبيبها الأمير ما أن يراها في الثوب الذي أهداه لها حتى يحتضنها ويأخذها ليروح عنها قليلاً، كانت مطمئنة أنه سوف يتفهم اكتئابها الشديد ولن يسأم منها سريعاً.

وصلت روكسانا لقصر الأمير، وما أن خطت خارج عربتها حتى دق هاتفها المحمول برسالة من حبيبها الأمير، فرحت وظنت أنه يدعوها للاحتفال معه للترويح عنها.

فتحت الرسالة فوجدته يبعث لها بجملة من أغنية تحبها يقول فيها "بتبعديني عن حياتك بالملل".



............إنجي إبراهيم..........

الجمعة، 22 يونيو 2012

عن الوجع

تخلع قلبها كل مساء، تضعه في طبق زجاجي شفاف وتغسله بالماء، يزول عنه الوجع ويفقد بعضاً من وزنه، مقدار ضئيل لا يمكن أن تلاحظه.

يستريب منها، يسألها لماذا لا ترد عليه، ولماذا يشحب لونها يومياً. تبتسم وتجيبه ألا شيء هنالك، ولا تخبره أنها تخلع قلبها لتغسله كل مساء لتستطيع أن تحبه من جديد بلا وجع.

تنصحها صديقتها أن تكف عن غسل قلبها، سوف يظل ينقص حتى يختفي تماماً، تخبرها أن لونها يشحب وأنه لن ينفعها من تغسل قلبها لأجلهم. تبتسم وتخبرها أنها فترة وسوف تنقضي، سوف يعود لها بلا وجع ولن تضطر أن تغسل قلبها يومياً مما يحدث بينهما.

- إنت شايفني إزاي؟؟
- أنا مش شايفك أصلاً.

تخلع قلبها وتضعه تحت الماء، يحتاج الكثير من الماء لإزالة الوجع، تلك المرة صب جام غضبه من الدنيا فوق رأسها وحدها، اتهمها كثيراً وفرط عقد كلماته، كان الغضب أكثر من أن تتحمله. لم يلحظ شحوب لونها ولم تخبره أن قلبها ينتهي، تحملت أن تفقد قلبها عن أن تفقده، ولم يلحظ هو سوى أنها تتغيب كثيراً ولم تخبره هي أنها تتغيب لتغسل قلبها ولم يهتم هو بالسؤال.

- إنت بتتريق عليا؟
- إنتي بيتهيئلك.

تخلع قلبها وتضعه تحت الماء من جديد، ينكسر الطبق الزجاجي من فرط الوجع، تبكي كثيراً ويتأفف هو، يدخل عليها وهي تجمع بقايا الطبق، لا يلفت نظره قلبها المسجى على الأرض، يلملم معها الزجاج المكسور ويمشي دون كلمات.

تغسل قلبها من الوجع، تتمدد على الفراش، كان الوجع تلك المرة كثيراً، يشحب لونها تماماً، تتمدد على الفراش، يقترب هو منها، يحاول أن يسترضيها، لا ترد عليه، قلبها يؤلمها وتشعر بالدوار، تود أن ترد عليه ولا يطاوعها صوتها.

يخرج غضباً منها لأنها لا ترد عليه، تفتح عينيها ولا تجده، تضع يدها على قلبها ويتسرب الوجع ليغرق الفراش.


.........إنجي إبراهيم.............

الخميس، 21 يونيو 2012

أكره الحر

أكره الحر.


نعم يبدو لي هذا موضوعاً محبباً للحديث، أنا إنجي إبراهيم أكره الحر، وبما أننا سوف ندون لمدة شهر، فلا مانع إطلاقاً لدي من أن أخبركم ما أحبه وما أكرهه، وأنا اليوم أريد أن أتكلم عن كراهيتي العميقة والشديدة والحقيقية للحر.


الحر، ذلك الكائن اللزج الأطراف، ثقيل الحضور الذي يباغتني كثيراً، والذي لا يتمتع باللياقة اللازمة التي تمنعه من الجلوس فوق صدري مباشرة، الحر الرخم دة عارفينه؟؟


الحر، هو المعادل الموضوعي لكل ما أكرهه، فأنا أكره كتم الأنفاس، وأكره العرق، وأكره اللحظات التي أشعر فيها أن الكون لا يمكن أن يكون أسوأ من هذا. أكره الحر لأنه يذكرني بالجحيم المستعر في الآخرة، ودون ممازحة، الحر دائماً يذكرني أنني لن أتحمل دخول جهنم إطلاقاً.


أذكر أنني عندما كنت في السنة الرابعة الابتدائية ودرسنا المجموعة الشمسية - قبل تغييرها - تمنيت أن أسكن كوكب بلوتو. نعم تمنيت أن أبتعد كل هذا القدر عن الشمس والحر والعرق، لم تكن فكرتي عن الكون مكتملة بعد، وقد تخيلت أن كوكب بلوتو سوف يكون أكثر طراوة، ولذلك تمنيت أن أقطنه وأسكن فيه وأستمتع بارتداء الكوفيات والقلنسوات الصوفية وأتزلج على الجليد.


عندما اتضحت لي كارتونية الفكرة المفرطة، تغيرت أمنياتي، وأضحيت أتمنى أن أسكن سيبريا، مع مغامرات أدهم صبري في الإعدادي عندما كانوا يحبسونه وسط الثلوج، كنت أنكر عليه رغبته في الدفء، وأتمنى أن أسافر سيبيريا رغم عدم معرفتي بأي شيء عنها سوى أنها تلج، كنت أعيش الحلم عبر الصفحات وأتخيل نفسي بعدت تماماً عن كل العرق واللزوجة، أتخيل نفسي بلا قطرات على جبهتي ولا قطرات تحرق عمودي الفقري.


عندما تخليت عن حب أدهم صبري، وهبطت إلى أرض الواقع، ظللت أتمنى أن أبتعد عن الحر، ربما أضفت بعض المنطقية للفكرة، فأصبحت  جل أحلامي أن أسكن بلداً أوروبياً، وألا أطأ بلاد الخليج العربي ولا أشم هوائها الساخن، سوف تكون الحياة جنة صغيرة إذا قطنت أحد البلدان التي يتكتكون فيها من البرد ويستخدمون المدفأة، وقد عاهدت الحياة إذا كافئتني على صبري الطويل على الحر الخانق ألا أستخدم المدفأة أبداً.


أكره الحر لأنه يمنعني أن أتنفس وأن أتكلم، يمنعني حتى من أن أحب كما ينبغي، يعني قولولي كدة ف وسط الحر دة ممكن تقول كلمتين حلوين على بعض؟؟؟؟ أكره الحر لأنه يضع فوق قلبي قيوداً أكثر مما يتحمل، يذكرني بكل الأعباء، الحر ثقيل، والحياة اليومية ثقيلة بما يكفي فلا أستطيع أن أتحمل ثقلاً فوق الثقل.


أكره الحر لأنه يحرمني كل شيء حتى الخيال، من منا يمكنه أن يتخيل حضناً دافىء وسط كل هذا العرق؟؟؟


أكره الحر وسوف أظل أكرهه أبد الآبدين.


إدعولي بقى تكييف الشغل يتصلح أحسن أنا بفطسسسسسسسسسسس.




.........إنجي إبراهيم.............

الأربعاء، 20 يونيو 2012

قطعة إيزيس الأهم

عندما طافت إيزيس جبال مصر وسوريا بحثاً عن أشلاء حبيبها أوزوريس لتعيده للحياة..فقدت قطعة واحدة فقط من جسده..بسببها لم يتمكن أوزوريس من استكمال حياته معها..وفضل أن يعيش إلهاً في العالم الآخر.

لم يخبرونا لماذا هانت إيزيس على حبيبها..لماذا لم يوافق أن يعود معها للحياة..ولم يخبرونا لماذا لم يكن مجهودها كافياً ليعود لها. لم يخبرونا لماذا كان على إيزيس أن تتحمل كل هذا وحدها..ولماذا كافئوا أوزوريس على تفضيله للحياة الأبدية دون حبيبته فألهوه.

كيف لم يفطن أحد لما في حياة إيزيس من قسوة؟؟ وكيف مر عليهم ما حدث لها دون أن تخشع قلوبهم لمأساتها؟؟

إيزيس..طافت البلاد لتجمع أشلاء حبيبها..حاملة طفله على كتفيها..إيزيس التي بكت حتى شقت دموعها نهراً..إيزيس التي أحبت حتى فقدت حياتها الخاصة ولم تستطيع العيش دونه فأنفقت عمرها بحثاً عن أجزاء حبيبها الميت.

لم يخبرونا لماذا لم يحبها أوزوريس بالقدر الكافي.

أما أنا فأعرف..أعرف أن إيزيس عندما جمعت أشلاء حبيبها..لم تستطع العثور على القطعة الأهم..ولذلك لم يستطع أوزوريس أن يحبها مرة أخرى..أعرف أن إيزيس فشلت في أن تجد القطعة التي تعيد لها حبيبها للأبد.

إيزيس جمعت كل أشلاؤه..ولم تستطع أن تجد قلب حبيبها.


........إنجي إبراهيم..........

الخميس، 14 يونيو 2012

حادث يومي عابر أو كيف يمر يومي في الوطن

كنت أسير في "محطة مصر" في الأسكندرية..ومحطة مصر لمن لا يعلم هي مكان شعبي جداً يمتلىء بالباعة ويمر فيها الترام وبه أكثر من موقف سيارات أجرة وأتوبيسات نقل عام..ناهيك عن أن الميدان يحتوي محطة القطار..يعني م الآخر سوق بشر.

كنت أرتدي بلوزة طويلة الكمين وتنورة شانيل "طويلة بس مش مغطية كعب رجلي" وأنا لمن لا يعلم أيضاً محجبة..وكان أبي ضابط شرطة وكان يعتقد بشدة أنني إبنه البكري حتى نهايات مرحلة المراهقة..يعني م الآخر بمشي زي الفتوات مش زي الرقاصات.

كنت أتحدث بالهاتف..أتخانق بمعنى أدق..وترتسم على وجهي كل معاني الألم السامي من الموقف الذي أوصلني للخناقة..أصيح بصوت مكتوم وأنظر للموبايل بغيظ..م الآخر مكنتش بلعب حواجبي ولا حاجة.

كنت أبحث عن وسيلة مواصلات تقلني حتى بيتي..أسأل سائقي عربات الأجرة وأخرج من موقف الأتوبيسات لموقف الأجرة وأتجول بين السيارات علني أجد ما يذهب للعصافرة حيث أقطن..يعني م الآخر مكنتش بتمشى ولا شايفة الحياة لونها بمبي.

فجأة أنتبه..يتعقبني منذ اللحظة التي ظهرت بها بالميدان..يكلمني بصوت منخفض وأنا لا أنتبه..لم أعطه انتباهي الكامل..لدي ما يكفيني من الإحباطات..قلت هيزهق ويمشي..لم أهتم حتى بأن أنظر إليه..لم أكن أعرف مراهق هو أم من الرجال الذين يشعرون بالنقص أم أنه شاب يحاول أن يحلو..عادي يعني بتحصل..فكك منه.

أبحث عن وسيلة مواصلات وأتبادل الزعيق بالهاتف..وأشرد تماماً عن الكائن الذي يطاردني..نسيت أنه موجود أصلاً خاصة أنه يتحدث إلي بصوت خافت جداً لا أستطيع تبين ما يقوله..أنتبه أنه يكرر جملة "طب نتفاهم"..ولا أفكر ما هذا الذي يجب أن "نتفاهم" فيه؟؟؟

تخفت حدة حديثي على الهاتف ويبدو الموقف على وشك الانتهاء .. تبرد أعصابي وأستعيد إحساسي بالموجودات..أنتبه أن الكائن الذي يطاردني مازال يحاول التفاهم معي ولا يمل..أصيح فيه أن يبتعد..لم أنتبه أن محدثي على الهاتف لا يعرف كيف يصل إلي في لحظة أسب فيها أحدهم في الشارع..يصرخ على الجانب الآخر من الهاتف سائلاً إياي أين انا..لا أستطيع الرد من هول الصدمة.

يظل يصرخ في على الهاتف وأنا صامتة تماماً..فقد اكتشفت أن الكائن الذي كان يطاردني ..يتفاهم معي على سعري..وينتظر مني رداً.

ملحوظة..النص مشاركة في يوم التدوين ضد التحرش

.......إنجي إبراهيم.............

هوامش:

* الموقف حدث بالفعل بكل التفاصيل منذ ما يقرب من شهر وقد اخترته لأنه آخر حوادث التحرش التي مرت بي وليس أقساها.
* اللقطة الأخيرة كانت تحت سمع وبصر ركاب أتوبيس كنت أقف بجانبه.
*لم يتحرك أحد لنجدتي أو للاستفسار لماذا أصيح في شاب يقف بالقرب مني.
* هرول الشاب مبتعداً عني عندما اكتشف أنني "مش مدوراها" على حد تعبيره.

السبت، 9 يونيو 2012

هذا الرجل أحبه 4



للسنة الرابعة أتحير كيف أبدأ معايدتي لك يوم مولدك..على كل حال..كل عام وأنت أفضل

هذا العام مختلف..أنت شهدت معنا مالم نكن نتخيل - نحن ولا أنت - أن يتم..لن أتحدث فيما حدث..فالحزن عميق والثورة يا سيدي ماتت..بل تم اغتصابها ببشاعة ثم قطعوا أوصالها وعرضوها عارية في الشوارع..ثم ماتت في النهاية..ودفنوها ولم يقيموا لها عزاءاً..اعتبروها نزوة..والأشراف لا يقيموا وزناً للنزوات.

على كل حال كل عام وأنت أفضل.

هذا العام مختلف..فالعادلي ومبارك لم يصدر قراراً بإعدامهم..وخرج مساعدي العادلي براءة..وتم تبرئة كل المتورطين في قتل المتظاهرين..احترقت قلوب أمهات كثر، وشاخ آباء وترملت نسوة..وئدوا أحلام فتيات وحرموا زوجات جديدات من أزواجهن سريعاً..جميعهم براءة والمتظاهرين ربما ماتوا من الضحك.

على كل حال كل عام وأنت أفضل.

هذا العام مختلف..فصور الشباب الوسيمين تملأ الطرقات..أولاد خلقوا للحب.. أطباء ومهندسين وشيوخ ومشجعي فرق رياضية..كلهم مات يا سيدي..كلهم مات..صورهم تملأ الشوارع لا للتكريم ولكن كي تطل علينا عيون حزينة تخبرنا أنهم لن يحبوا..لن يشجعوا..لن يعيشوا..ولن يتخرج علاء عبد الهادي من كلية الطب..ولن يشجع أنس النادي الأهلي بعد الآن..ولن يخطب الشيخ عماد عفت مرة أخرى..ومينا دانيال لن يبتسم.

على كل حال كل عام وأنت أفضل.

هذا العام مختلف..القبح يملأ العالم..سوريا تنزف من كل فتحات جسدها..وبشار مازال يضربها ويعذبها..والمجلس العسكري يستهين بنا يا سيدي..يستهين بنا تماماً..المشير يلفق القضايا والنائب العام يتواطىء..وعلاء وجمال طلعوا براءة يا دكتور..ناهيك عن أن مصطفى بكري  يجعل العالم أقبح كثيراً مما هو عليه أصلاً والعملية مش ناقصة.

على كل حال كل عام وأنت بخير.

هذا العام مختلف..فالشفيق أحمد فريق سوف يتولى سدة الحكم..مش بالتزوير يا دكتور على فكرة..الناس انتخبته فعلاً بجد..وبمعجزة ما اكتشفوا أن الإخوان هم الطرف الثالت..أيوة الإخوان كانوا بيضربوا الثوار بالرصاص..أنا عارفة ان منهم ناس ماتوا مع الثوار..بس هما قالوا ان الإخوان هما الطرف التالت..مش عارفة ازاي كانوا بيموتوا نفسهم ولكن بالله عليك هل تلك هي أعجب عجيبة؟؟

على كل حال كل عام وأنت بخير.

حتى أنا أعاني من قبح العالم..لدي أسراراً خاصة لن أحكيها على الملأ..ولكنني أعمل على حلها جاهدة..أشعر أن حكايتي الصغيرة سيكتب لها النجاح يوماً ما..لا أعرف الكيفية ولا المعجزة الربانية التي سوف تحدث..ولكني أشعر أن ذلك سيحدث..فكل ذلك القبح كثير جداً.

على كل حال كل عام وأنت بخير.

أتممت الخمسون..أصبحت عجوزاً يا حبيبي..ولكني أعرف أن يديك ما تزال دافئة كالمرة الأولى التي سلمت عليك فيها..وابتسامتك تضيء المكان بالمعنى الحرفي للكلمة.

شكراً على كل شيء..وابق سالماً من أجلي..كي تحارب كل ذاك القبح الغير محتمل.

وخلي بالك من صحتك يا شيخ وحياة ولادك .



........إنجي إبراهيم...........

الجمعة، 27 أبريل 2012

ذاكرة دفوف الألم



"ترقص، بثوبها الأبيض الفضفاض تعتلي المسرح وتدور"

لا شيء يهم، لا تتذكر اللحظة قبل اعتلائها المسرح، هي فقط هنا والآن، تتخفف، تدق الدفوف على إيقاع قلبها اللاهث، تنتشي، تدور وتدور وتدور.

"تتركز الإضاءة عليها، تكثر لفاتها في الدقيقة الواحدة، يرتج عقلها داخل رأسها وتسقط الأحمال تباعاً"

همومها لا تتذكرها، فقط هي تعرف أنها أكثر من أن تحتمل، تعرف أنها تثقلها وتزن أطناناً فوق القلب، عقلها يهاب أن يستوعب ما يحدث، هو أكبر من أن تعقله، تترك كل ذلك خلفها وتستمع للدفوف.


"رقص صوفي، تنورة، لا تهم الأسماء، فقط على ذلك المسرح هي خفيفة، كم وزنها دون المسرح؟؟ لابد أنه يتخطى حاجز المائة، وكم وزنها وهي ترقص؟؟ لا تتعدى الريشة"

لا تستطيع أن تتذكر الأسماء، من هم من جرحوها؟؟ ما إسمها؟؟ أين تعيش؟؟ كل ذلك يختفي تحت وطأة الدفوف، فلتتحرر من سطوة الألم الآن، ولتعد لكل ذكرياتها الغبية بعد أن تنتهي من الرقص، هنا هي بلا ماضي، بلا وجع، بلا مستقبل، فقط حاضر طويل ذو إيقاع حزين، ترقص هي عليه، كأنها تدوس الألم بأقدامها الخفيفة، وتشيع موات الروح بدق الدفوف.

"ترقص، يخف وزنها أكثر، ربما تستطيع الطيران الآن، والإضاءة مع ثوبها الأبيض يجعلانها مشعة تماماً"

لا ترى الجمهور، هي لا ترقص لهم في الأساس، وللحق، هي لا ترقص تصوفاً أيضاً، فقط هذا هو منفذها للهواء، لا ترى جمهوراً ولا يهمها أن تراه، لا تلتفت لأحد، ولا حتى لضاربي الدفوف، ترقص وفقط، وتتمنى أن تطول اللحظة ولا تعود لألمها الضارب في عمق الروح.

" تسرع الدفوف، ومعها دقات أقدامها على الأرض، تتحرر تماماً وتسطع الإضاءة وتتحول هي لحزمة نور تبهر عيون الحاضرين، ثم تختفي"


.........إنجي إبراهيم.........




الأحد، 22 أبريل 2012

مساحات بيضاء آمنة

"تجفف جسدها بالفوطة البيضاء الكبيرة"


 طفلة تعدت العاشرة بالكاد، تدخل المحل وهي تتبختر بالصندل الجديد، تتباهى أنه يدق في الأرض الرخامية لأنه بكعب. تشب حتى تصل للبائع الواقف خلف الكاونتر، تخبره أنها تريد زجاجة زيت كبيرة الحجم، يبتسم لها، يدور حول الكاونتر ويخبرها أنه سوف يحضر زجاجة جميلة لأنها جميلة، يناولها الزجاجة ويبتسم، تستدير ويمد يده يتلمس جسدها من الخلف، تنظر له بفزع، يبتسم ويشير لها بعلامة لا تفهمها.


 "تجفف جسدها بالفوطة البيضاء الكبيرة، تخرج من الحمام وتستعد لفرد الملاءة البيضاء على سريرها الضيق"


 مراهقة تخطت الخامسة عشر قليلاً، تحتضن الكتب في طريقها لدرس اللغة العربية، تمد يديها كثيراً لطرف بلوزتها لتشدها حتى لا تكشف جسدها من الخلف، تفكر في "مستر أيمن" ذو النطق العربي الساحر، تفكر أنه كبير جداً ومتزوج، تفكر في أنها تتعذب في حبه وحدها، تفكر أنها أنهت واجبها المنزلي كله حتى تبهره، تفكر في أنها صمدت اليوم في حمام المدرسة حتى انتهت مريم من عمل "الفتلة" حتى يختفي الشارب من فوق شفتها العليا، تفكر أنها لابد أن تتذكر أن تزيل الماكياج قبل أن تعود للمنزل.


 تصل قبل باقي زميلاتها، تجلس أمام "مستر أيمن" ويسألها عن الواجب، تعطي له الدفتر فيتصفحه ويخبرها أنها طالبته المفضلة، يقترب منها ويبتسم، يضع يده على كتفها ويسألها عن معنى كلمة " نهد "، تنظر له بفزع فيشير لها إشارة لا تفهم معناها.


 " تجفف جسدها بالفوطة البيضاء الكبيرة، تخرج من الحمام وتستعد لفرد الملاءة البيضاء على فراشها الضيق، تجلس على الفراش وتمدد قدميها"


 شابة تخطت الثلاثة وعشرون عاماً بقليل، تستقل نفس القطار يومياً لتصل لعملها البعيد، لا تجد مكاناً كالعادة فتقف بجوار الباب، يقترب القطار من المحطة ويقترب الركاب بدورهم من الباب، يتوقف القطار ويبدأ الناس في النزول، يقترب أحدهم من الباب وحتك بها قائلاً شيئاً ما همساً عن الليالي الحمراء ويضع يده على جسدها، تنظر له بفزع ويبتعد هو ناحية الباب ويشير لها إشارة لا تفهم معناها.


تجفف جسدها بالفوطة البيضاء الكبيرة، تخرج من الحمام وتستعد لفرد الملاءة البيضاء على فراشها الضيق، تجلس على الفراش وتمدد قدميها، وتفكر أن هذا هو المكان الوحيد الآمن.


 .........إنجي إبراهيم............


 النص مشاركة ضمن يوم التدوين ضد التحرش الجنسي.

الجمعة، 6 أبريل 2012

أزرق ملكي وتوت وثوب مرصع


في عالم آخر – غير هذا القبيح الذي أعلق به – للملوك دم أزرق حقيقي.

يقولون أن الملوك كانوا يسمونهم ذوي الدم الأزرق لأسباب علمية بحتة، كعدم تعرضهم الكافي للشمس وشحوب البشرة ورقة جلودهم، حسناً، الحق أقول لكم، أنا أتعرض للشمس بمعدلات انتحارية ومع ذلك – والسر الذي لا يعرفه الكثيرون – أن دمي أزرق.

تلك العروق النافرة عند الرسغ، محددة تماماً، يمكنني أن أرسم مسار الدم الأزرق في جسدي، نعم دمي أزرق، فقط عندما أجرح نفسي يتحول للأحمر حتى لا يظن الآخرون أنني فضائية. أنا متأكدة أن دمي أزرق، بل هو أزرق بالفعل، ويمكنني أن أكشف رسغي لك لأثبت كلماتي.

في عالم آخر – غير هذا القبيح الذي أعلق به – يأتون بالتوت من الحواديت.

يقولون أن شجر التوت يلزم له درجات حرارة معينة، وله مواسم، تفترش الفلاحات الأرض ويبيعون التوت للعابرين، حسناً، الحق أقول لكم، التوت أمره سهل، أنا يمكنني أن أتسلل للحواديت، أقطف التوت وأصنع كيك الجبن بالحبات الزرقاء المائلة للأحمر.

التوت يأتي من الحواديت، تقطفه فتيات حسناوات من على شجر أخضر مزهر، يضعونه على أشجارنا على سبيل المجاملة، وهؤلاء الفلاحات اللاتي يفترشن الأرض، هن في الأصل ساحرات متواطئات مع فتيات التوت.

أنا أعرف أن التوت يأتي من الحواديت، ويمكنني أن أحلم لآتي ببعضاً منه لأثبت لك كلماتي.

في عالم آخر – غير هذا القبيح الذي أعلق به – ترتدي السماء ثوباً أزرق وتسطع ليلاً لتغير منها الفتيات.

يقولون أن السماء زرقاء لأن هذا هو انعكاس لون الماء والكثير من هذا الهراء العلمي، حسناً، الحق أقول لكم، السماء فتاة فاتنة، تحب ارتداء فساتين زرقاء مرصعة بالألماس، نفاها والداها بعيداً حتى لا تتزوج ممن أحبها، ويومياً تسطع لتثير غيرة فتيات الأرض اللاتي لا يمتلكن سحرها وبهاء ثوبها.

السماء، تلك البعيدة المريحة، الواسعة الجميلة، كانت مثلنا يوماً، ومنذ أن نفاها والداها، تقضي النهار مختبئة تبكي حبيبها، وتخرج في الليل مرتدية ثوبها الأزرق الماسي، يبرد قلبها قليلاً عندما ترى الانبهار في عيون فتيات الأرض، تستعرض ألماس ثوبها الفضفاض، يعلق بلمعان الألماس أمنيات فتيات الأرض، ترضى قليلاً ثم تنام.

أنا أعرف أن السماء فتاة فاتنة حرمت من حبيبها، ترتدي ثوباً أزرق مرصع بالألماس، ويمكنني أن أظل ساهرة طوال الليل أنتظرها كي أثبت لك كلماتي.

أنا فتاة مجنونة قليلاً، حالمة جداً، دمها أزرق، تأكل توت الحواديت، وتناجي السماء ليلاً.

أنا أحب اللون الأزرق.


........إنجي إبراهيم........


النص ضمن حدث "ألوان..حدث الكتابة" على فيس بوك والذي شرفت بدعوتي له من شيماء علي مبتكرة الحدث والداعية له

تجدون الإيفينت على الرابط التالي

http://www.facebook.com/events/390927250926504/

الاثنين، 2 أبريل 2012

إحجام


تجلس على المكتب المقابل له، ترتدي تنورة واسعة ذات ألوان فاتحة، وحذاء أسود ذو كعب عال وبلوزة أنيقة محبوكة على صدرها، تمد إبهامها في كوب القهوة وتلمس سطحه، تلعق البن الذي علق بإصبعها وتبتسم في دلال وتنظر له.

اليوم لن يستطيع أن يبوح لها، يعرف أنها غريبة الأطوار قليلاً، ربما معقدة أيضاً، تخيفه أحياناً وأحيان أخرى يود لو ربت على رأسها واشترى لها بسكويتاً وأهداها لعبة.

هو يحبها بالتأكيد، أو ربما يود امتلاك هذاالكائن الخرافي الذي يتحول، لا يعرف بالضبط، فقط يعرف جيداً أن اليوم ليس مناسباً لمفاتحتها في الأمر.

...........................................

تجلس على المكتب المقابل له، ترتدي جينزاً أزرق وبلوزة طويلة قليلاً، تتحدث بالهاتف وتضحك كثيراً، اليوم يمكنه أن يفاتحها بالأمر.

سوف يقول لها أنها ساحرة، وأن تلك الصحيفة التي يعملون بها لا تليق بقدراتها، وأن قصتها الأخيرة كانت موفقة جداً.

سوف يخبرها أنه يحب لفتها للطرحة، وبالأخص إيشاربها الحرير الأزرق، وأنه يفتقد البادي السكري الذي ترتديه تحت الفستان البني الذي يكرهه.

سوف يخبرها أنها ترسم رسمات سيئة جداً، وأن صوتها في الغناء بشعاً وأنه يريدها أن ترسم له لوحة وتغني له وهي تهديه إياها.

وسوف يخبرها أنه - قطعاً - يحبها.

..................................

يجلسان معاً على طاولة صغيرة، تحدثه عن خوفها من الزمن، عن أنها تتخيله - الزمن - رجلاً أشعث يطاردها ماداً يديه أمامه، تتسع عيناها وتهتف "مش عارفة لو مسكني هيعمل فيا إيه"، تنظر لكوب النسكافيه أمامها وتحدثه عن روعة الكافايين، وأن الأطباء حمقى لأنهم لا يضعونه في زجاجات المحاليل، ينفصل عقله عنها تماماً ويتسائل لماذا لا يمكنها أن تكون طبيعية؟؟

لماذا يحب تلك الفتاة التي تمتلىء بالهواجس والظنون وتطاردها الكوابيس ليلاً وتتشاجر مع سائقي التاكسي؟؟ يتسائل فجأة هل يحبها حقاً؟؟ هل سوف يكون سعيد معها عندما يتشاجران ثم تصالحه بقصة قصيرة تنشرها على صفحتها على فيس بوك بدلاً من أن تصنع له وجبة دسمة؟؟

تسيطر عليه الهواجس تماماً، ثم ينظر إليها ليجدها تقول "عايزة اكتب قصة بطلتها عاهرة بتخلص شغل بدري عشان صلاة العشا متفوتهاش"، يبتسم ويخبرها أن العاهرات أيضاً لديهن قلوب وأن تلك القصة غير مستحيلة تماماً، يحبها عندما تتحمس، ويحبها عندما تفقد اهتمامها تماماً بالأشياء.
..................................

تجلس على المكتب المقابل لمكتبه، أمامها كوب شاي والكثير من الأوراق، تتحدث بالهاتف وترجع رأسها للوراء في عصبية وهي تضغط على الحروف، تزيح بيدها الإيشارب الأزرق للوراء وتكمل حديثها بالهاتف.

يتحرك من على مكتبه نحوها، ينتظرها حتى تنهي حديثها، يرتب في ذهنه ما سيقوله لها تلك المرة، الآن لابد أن يفاتحها.

تنهي المكالمة وتنظر له في عصبية وتخبره أن جميعهم ولاد كلب، يأخذ نفساً عميقاً ثم يخبرها أن "المقال بتاعك نزل على الموقع..إبقي ادخلي بصي عليه عشان الديسك مبهدله" ويستدير ويتنفس الصعداء.



........إنجي إبراهيم.........

الأربعاء، 21 مارس 2012

توهان


لم يحدث من قبل أن نمت في مواصلات، حتى قطار القاهرة/الأسكندرية لم أكن أستسلم فيه للنوم. ولم يحدث أبداً ان فوتت محطتي في ترام / قطار ولم أفوت مكان نزولي من أي وسيلة مواصلات أبداً.

اليوم، في طريقي لعملي، وأنا أمشي في شارع سوريا أفكر في جدوى تلك الحياة أصلاً، اكتشفت أنني ضللت الطريق، ولم أعرف أفوت مكان عملي أم أنني لازلت لم أصل.

تلك هي مرتي الأولى، كما هي بالضبط مرتي الأولى فى حالتي الآن، أنا حزينة جداً، حزن عميق يغلف روحي ويضرب جذوراً في القلب يجعلني أتسائل بلا انقطاع "أيوة يعني فى الآخر ايه الفايدة؟؟ هاخد ايه يعني لما اصبر عالعيشة دي؟؟". تلك الحالة التي تجعلني يومياً أنظر للقطار وأتسائل لماذا في كل يوم وأياً كان الموعد الذي أمر به على طريق السكة الحديد أجده يرسل لي صافرة تحية ويذكرني أن الرحيل ليس رفاهية طالما لم يحن الموعد بعد، وأفيق على تساؤلي الوجودي المتكرر "أومال عصر تأخير القطارات خلص وللا ايه"، وهكذا ملايين التفاصيل التي تجعلني أتمنى فقط لو أخذتني صاعقة من السماء

أنا حزينة، وليس لدي رصيداً يكفي من الفرح، وتسيطر على ذهني فكرة أنني وحدي تماماً رغم ما يبدو في الفكرة من ظلم للمقربين، أبتعد حتى لا يصيبهم عطب روحي بالعدوى، روحي معطوبة حقاً ولا أتمنى سوى ان أرحل من هنا، كم ما عاصرته من مرارة في الفترة الأخيرة يكفي ويفيض، فقط لو رحلت من هنا سوف يكون كل شيءعلى ما يرام.

لا جدوى لأي شيء، أحاول منذ فترة أن أضحك، لاشيء يستفزني كفاية لتخرج ضحكتي بصوت وأرجع رأسي للوراء كما كنت أفعل، كل الأشياء تستفزني ناحية البكاء، غباء البشر في العمل، كم غباء لا أملك حياله سوى الاختناق بالدموع، ضعف مزري تجاه العالم يجعلني أنفجر في كل الأحوال، حتى السائق الذي تبجح اليوم كان بإمكاني أن أجعله ينتحر بضحكة لا مبالية ولكن بدلاً من ذلك شخطت فيه ليشخط في في المقابل ويكسب هو المعركة لأن حنجرته أقوى. كل شيء يستفزني ناحية البكاء فلا الحياة حياة ولا الرحيل متاح، كل ما أرجوه هو أن أستسلم لنوم طويل طوييييييييييل، ربما غيبوبة أيضاً.

أتحدث عن مشاكلي، أتحدث وأراها تصغر، ما إن تصغر حتى يتراكم عليها تفاصيل أخرى جديدة تجعلها تكبر من جديد، ككرة الثلج كلما تدحرجت أكثر كلما زاد حجمها. أنا أختنق، كرة الثلج تقف فوق صدراي مانعة إياي من التنفس.

اليوم، تهت. اليوم أول مرة لي في أن أشرد تاماً عني.اليوم انسلخت عن ذاتي فعلاً وهزمني عقلي المدود والأسئلة الصعبة التي لا اجد لها جواباً.

اليوم، لابد أن ينتهي.



......إنجي إبراهيم......

الاثنين، 19 مارس 2012

بروفات متكررة لموت غير مكتمل


(1)

دائماً يلفت تلفت انتباهها ستائر الحمامات التي تخفي خلفها بانيو، تدخل حمام صديقتها وتزيح الستائر، تلقي نظرة خاطفة على البانيو وراء الستارة وتبتسم.

(2)

يعشق المسرح، يقولون أنه مخرج ممتاز، يكسب في كل المسابقات التي تدخلها كليته يقول لهم دائماً أنه لن يحترف الإخراج، وسوف يعمل محامي بشهادته التي سوف يتخرج بها. وعندما يجهز الممثلون، يتمم قبل البدء على معصم بطل العمل، يتأكد من أن الون الأحمر يظهر بوضوح ويصرخ "أكشن"

(3)

يسمونها الصندرة وتسميها هي المخبأ، تذهب لها هرباً من الضجيج حولها، تتكور على نفسها وتحني رأسها كي لا ترتطم بالسقف، تتمنى لو نسيها الزمن ها هنا ومضى. تسمع أصواتهم يتسائلون عن مكانها، تغطي أذنيها بكفيها وتغمض عينيها وتغرق في الظلام.

(4)

يملأ حوض الاستحمام بالماء الرائق، يتمدد داخله ويسترخي تماماً، يتذكرها، تأتيه في أقسى لحظاتها، دامعة تسأله لماذا حدث كل ذلك؟؟ تستحلفه بالله أن يكذب كذبة أخيرة ويخبرها أن كل شيء على ما يرام. يغمض عينيه ويأخذ شهيقاً قوياً ويغطس بكامله في الماء الرائق.

(5)

تهرع بسرعة لتلحق بالقطار قبل أن يغادر المحطة، يهرع خارجاً من المحطة ليوقف التاكسي، يرتطمان ببعضهما على البوابة، كل منهما ينظر في اتجاه مختلف. يكملان طريقهما وتدهس أقدام
المسافرين قلبيهما اللذان سقطا لحظة الارتطام



.............إنجي إبراهيم...........

الثلاثاء، 6 مارس 2012

مواقيت


(1)

للذبح مواقيت، كمعاملته للأضحية في كل عيد، صباحاً في البكور يريح الرأس على الوسادة، يرفع
يده عالياً، ثم يذبح نفسه يومياً.

...............................
(2)

تبتسم للقطار، تنظر يميناً وتجده يتمهل في الخطو ليغادر المحطة، تقول لنفسها لو كنت فقط تأخرت دقائق لكان أمكنك أن ترتطمي به وتزعمي أن الاستعجال هو ما منعك من النظر حولك.

يؤنبها ضميرها وتتسائل..يعني هتقولي لربنا كنت عاملة نفسي نايمة؟؟

...............................

(3)
يهديها وردة، وردتان، ثلاث وردات ويقف لينتظر ابتسامة عيناها. تأخذهم وتستدير وينتظر أن تحبه.

بعد ثلاثة أيام تبعث له برسالة "الورد مات..البقية في حياتك..فرصة سعيدة"ا

...............................

(4)
للبكاء مواقيت، كالتطهر تنسحب يومياً للحمام، تريح رأسها على الحائط المقابل للمرآه، تبكي بعنف ثم تغسل وجهها وتخرج مبتسمة بإرهاق.

...............................
(5)

يخرج للعمل يومياً، يبتسم في وجه من يقابلونه، يأكل ويضحك ويشاهد السينما. ينام ليحلم بها ويبكي بحرقة، وعندما قابله صديق قديم وسأله عنها أجابه بابتسامة "قتلتها"ا



.........إنجي إبراهيم.......

الأحد، 26 فبراير 2012

يهوذا يسكب الملح باستمرار


ينظر يهوذا للملح المنسكب أمامه على الطاولة بذهول، ومن عمر اللوحة تعتبر تلك علامة الخيانة.

عن لوحة العشاء الأخير لدافينشي أتحدث، في اللوحة كان يهوذا هو الخائن الوحيد للسيد المسيح، وهو الوحيد الذي انسكب الملح أمامه، ينظر يهوذا أمامه وتشعر عندما تنظر للوحة أنه منفصل تماماً عما يحدث حوله.

يهوذا خائن، ولذلك كان انسكاب الملح أمامه علامة تجعله خائف في اللوحة، يمكنك أن تسمع صوته يصرخ عبر الألوان "أنا خائن..إصلبوني وحرروني من ثقل الذنب"، يهوذا الخائن كان يعرف أنه خان السيد المسيح، ويلعن حتى الآن في كل الأديان، يلعن لأن خطيئة الخيانة أثقل من أن نتسامح معها، ولأن الخيانة الأولى جلبت ألماً لا يطاق للبشرية، فالصلب والتعذيب ليسوا من الرفاهيات لو كنت تعلم ما أعنيه.

يهوذا يتألم، يتعذب في صمته الخائن، لم تكن خيانته نزهة بالدراجة في الهواء الطلق، يهوذا يعرف ما اقترفته يداه، عيناه تفصح عن ذلك بوضوح في اللوحة. يهوذا الخائن يعرف أن الخيانة خطيئة لا يمكن التراجع معها عما قلته، الخيانة تلوث يديه بالكامل، تلوث قلبه، وتلوث كل القادم من عمر البشرية.

لم ينتبه أحد في اللوحة أن الملح انسكب أمامه، وحتى لو لاحظوا، لا يستطيع تحسس الريشة سوى من يحملها على رأسه طوال الوقت، يهوذا فقط هو من يعرف ما اقترفت يداه من ذنوب، يعرف أن السيد المسح لا يستحق خيانته، يعرف أنه ملعون وأن السيف سبق العزل، لن تستطيع وعود الأرض أن تمحو خياناته، وهو يعرف يقيناً أنه لا يستطيع الوفاء بها، الخائن يعرف قدراته، ويعرف أن الملح انسكب ولا جدوى من محاولة إرجاعة مرة أخرى.

في اللوحة لا نلوم باقي حواريين السيد المسيح أنهم لم ينتبهوا إلى انسكاب الملح ونظرة الذنب الفاضحة على وجهه، فيهوذا كان منهم، من منهم يمكنه أن يتهمه بأي خيانة؟ يهوذا أحدهم، يهوذا جزء منهم لا يخون، لم نلمهم لأنهم لم ينتبهوا، هم أنقى من أن يقوموا بتخوين أحدهم. لم نلمهم ونظل نلعن يهوذا حتى يوم الدين.

لم يكتفي يهوذا بخيانة السيد المسيح، ذرع بذرته الخائنة في الأرض، رسالة يحملها الخائنين من بعده، كلهم يسكبون الملح، وكلنا حواريين لا ننتبه، أبناء يهوذا يسكبون الملح باستمرار وينظرون لنا أن نعاقبهم، يتوسلون أن نسامح، يخونون حتى تمل منهم الخيانة ويستسمحون حتى يسأمهم التوسل. أبناء يهوذا الخائنين يلعقون الملح ويعطشون باستمرار لمسيح آخر يصلب ويفرون هم ملعونين حتى أبد الدهر.

يهوذا وبذرته يحملون الخطيئة بداخلهم، ويحملون الملح يسكبونه أمامنا طلباً للصلب كي يتطهرون، لا يعرفون أن يهوذا ترك ليتعذب ويلعن حتى آخر الدهر، وأننا لن نلتفت لتوسلات الصلب، فلنتركهم يلعقون الملح حتى آخر حدود اللعن.

أبناء يهوذا المساكين، أيها الملعونون في كل الأزمان، لا تسامح مع الخيانة، ذلك هو العشاء الأخير، اسكبوا الملح أو العقوه، أصلبوا أنفسكم على أعمدة الضمير، إستغفروا الله لخطاياكم وتوبوا حتى.

نحن لا نتمنى لكم سوى أن تتعفنوا في الجحيم.


............إنجي إبراهيم...........

الأربعاء، 15 فبراير 2012

فتاة القطن


منذ الطعنة لم يتغير أي شيء..ربما بكت أياماً..ربما هزلت ونقص وزنها..ربما ظلت متيقظة تحاصرها كوابيس صعبة بضع ليالي..كلها أشياء لا يمكن ملاحظتها..فلم يتغير أي شيء.

فقط شيئان كان المقربون يلاحظوهما..أنها أدمنت شراء القطن..وأنها لم تعد تحتضن أحداً في سلامها على الآخرين

.......................................

تجلس بينهم..تضحك عندما يلقي أحدهم دعابة..تأكل من كل الطعام الموضوع على الطاولة ..وتلقي بآراء حارقة تجعل الجالسين يضجون بالضحك..تعلق على كل شيء وتبتسم أحياناً..ثم تنسحب وتخبرهم أنها في حاجة للذهاب إلى التواليت

.......................................

فقط شيئان كان المقربون يلاحظوهما..أنها أدمنت شراء القطن..وأنها لم تعد تحتضن أحداً في سلامها على الآخرين

..........................................

صديقتها المقربة لاحظت..تتابعها بنظرها طوال الجلسة..تعرف أنها تداري شيئاً ما..تنظر لها متسائلة عبر الطاولة..فترتد نظراتها مطمئنة إياها أنها بخير..فقط عندما تسحب حقيبتها المليئة بالقطن وتغادرهم تتهرب من نظرات صديقتها ولا تجيب بأي شيء.

تغادرهم ورائها للتواليت..تنظر لها في المرآة وتسألها لماذا لا تبكي؟؟ ولماذا كفت عن أن تلقي بنفسها في حضنها وتنشج..تنظر لها فى المرآة وتخبرها أن لا شىء هنالك..فقط هي مرهقة مما حدث.

تتكلم صديقتها كثيراً عن أن تلك الطعنة سوف تقويها..وأن الله نجاها مما هو أشد..وأن قلبها سوف يتعافى..وأن كل شيء بقضاء..تكلمت كثيراً جداً حتى ملت الكلام وذهبت.

............................................

فقط شيئان كان المقربون يلاحظوهما..أنها أدمنت شراء القطن..وأنها لم تعد تحتضن أحداً في سلامها على الآخرين

............................................

مرات أخرى كثيرة..ترافقها صديقتها لأماكن جديدة..تراقبها وهي تأكل وتضحك ثم تنسحب بحقيبة القطن لمكان قصي..ناشدتها كثيراً أن تحكي.أن تزيح ما يثقل كاهلها..ناشدتها أن تسب من طعنها في القلب..أخبرتها أن هناك طاقة غضب لابد من تفجيرها تماماً..ناشدتها كثيراً أن تعود وتحتضنها

وفي كل مرة..كان يمل منها الكلام..وتنسحب من أمامها محتضنة حقيبتها الملآى بالقطن وتغلق أحد الأبواب.

.............................................

دعتها صديقتها لتبيت في منزلها يومان..أخبرتها أن ذلك مفيد جداً لها..ربما تنحل عقدة لسانها في الليل والأنوار مطفأة كما اعتادوا دوماً..رجتها كثيراً أن تقبل الدعوة و وعدتها أنها لن تحدثها في أمر طعنة القلب إلا إذا تحدثت هي..ولن تجبرها أن تحتضنها وتبكي..وعدتها أنها سوف تتركها لآخر حدود الراحة..وكما تريد تماماً.

............................................


فقط شيئان كان المقربون يلاحظوهما..أنها أدمنت شراء القطن..وأنها لم تعد تحتضن أحداً في سلامها على الآخرين

.............................................

قبل النوم..وبعدما جهزت صديقتها لها الفراش..طلبت منها أن تخلي الغرفة دقائق لأمر ما..تعجبت صديقتها من الطلب..طوال سنوات معرفتهن كن يستبدلن ملابسهن بحرية..ما الجديد في الأمر إذن؟؟

وافقت على مضض..وإن أشارت لغرابة الطلب ولم تتلق سوى هروب العينان من التساؤل.

خرجت من الغرفة ووقفت خلف الباب تسترق السمع..نهنهات خافتة تصدر منها وصوت يتألم بشدة.

اختلست النظر من وراء الباب.

الآن فقط فهمت لماذا أدمنت صديقتها شراء القطن..ولماذا كفت عن احتضان البشر..كانت طعنة القلب تنزف باستمرار..وكان القطن يخفي كل الوجع النازف..وكان صدرها لا يحتمل حضن الألم أكثر.



.......إنجي إبراهيم.........


الإهداء: لها هي..صديقة ليلات الحكي الخافت والنزف الذي يقطر وجعاً وفرح

الأحد، 12 فبراير 2012

دوائر


حسناً، أنا محبطة.

حقيقية رائعة عندما تكتشفها للمرة الأولى، أنا محبطة ولا أرى أي شيء في أي اتجاه، محبطة وأتظاهر بأنني لا أكتئب وأبتاع ملابس وبرفانات وأغير لفة الطرحة.

ولكنني لا أستطيع أن أضحك.

لا أسامحه، ذلك الذي جاء ليعكر كل شيء وتركني أتخذ قراراً ضرورياً بالنجاة بحياتي وسمعتي منه، لا أسامحه ولا أعتقد أنني سأفعل. فقط ما يشغل ذهني حقاً هو، كيف يمكن لكل هذا الشر أن يتواجد في محيط الكرة الأرضية؟؟؟ وكيف خاب قانون "يحدث للآخرين" الذي أتبناه في كل مصائبي؟؟ والسؤال الأهم على الإطلاق

لماذا لا يموت أولاد الوسخة؟؟

نعود لموضوعنا الأصلي، أنا محبطة. حقاً أنا محبطة للغاية وخائفة جداً، لم أتعود على كل ذلك الضباب الذي يحيط بي مؤخراً، دائماً كان هناك قبساً من النور يمنحه الله لي كي لا أجزع.

أين ذلك القبس الآن؟؟

ترعبني فكرة أن الله غاضب علي، وأنني كففت عن أن أكون طفلته المدللة التي "بيسترها معاها" أيما كانت الظروف، مرعوبة من فكرة أن كل ذلك عقاب، أو أنه مؤشرات لتهذيبي تقتضي أن يرحل قبس النور تماماً وللأبد.

رغم كل شيء، الله يمنحني أشياء حلوة، فقط لو أتأكد أنه ليس غاضب. فقط لو أتأكد أنها سحابة كما تقول الجملة العتيقة التي يواسون بها من تتوحل أقدامهم في طين المصائب.

فقط لو أتأكد يا رب.

ماذا كنا نقول؟؟ آه كنت أقول أنني محبطة، وأنني أوزع الطاقة السلبية بلا مقابل، وأنني كففت عن الضحك، وأنني لا أسامحه، وأنني أتسائل بعنف وإصرار

هل ذلك غضب يا الله؟؟

أنا محبطة جداً ولا أريد أن أعلق هنا، ربما مشكلتي باختصار هي عشقي لتلك الحياة الحقيرة بكل تفاصيلها، لذلك أحارب كي تصبح حياتي أحلى، ولذلك لا أقبل الهزائم، ولذلك أشعر الآن بالإحباط الجسيم لأن حياتي ليست على ما يرام، ولذلك أنا محبطة، وهكذا دائرة جهنمية لا أستطيع حتى التفكير في طريقة عبقرية للفرار منها.

المشكلة الحقيقية أنني - حقاً- لا أريد أن أعلق هنا، لا أريد أن أستمر في تلك الحالة البين بين، أكرهها ولا أريدها بحال.

باختصار أنا محبطة لأنني محبطة.

ليس لتلك النوت أي هدف سوى أن أفرغ طاقة الغضب داخلي وأن أرغي وأزبد فيما لا يفيد، وأن أتمنى منكم فقط أن تدعوا لله ألا يكون ذلك غضباً منه علي.


......إنجي إبراهيم........