
لم يحدث من قبل أن نمت في مواصلات، حتى قطار القاهرة/الأسكندرية لم أكن أستسلم فيه للنوم. ولم يحدث أبداً ان فوتت محطتي في ترام / قطار ولم أفوت مكان نزولي من أي وسيلة مواصلات أبداً.
اليوم، في طريقي لعملي، وأنا أمشي في شارع سوريا أفكر في جدوى تلك الحياة أصلاً، اكتشفت أنني ضللت الطريق، ولم أعرف أفوت مكان عملي أم أنني لازلت لم أصل.
تلك هي مرتي الأولى، كما هي بالضبط مرتي الأولى فى حالتي الآن، أنا حزينة جداً، حزن عميق يغلف روحي ويضرب جذوراً في القلب يجعلني أتسائل بلا انقطاع "أيوة يعني فى الآخر ايه الفايدة؟؟ هاخد ايه يعني لما اصبر عالعيشة دي؟؟". تلك الحالة التي تجعلني يومياً أنظر للقطار وأتسائل لماذا في كل يوم وأياً كان الموعد الذي أمر به على طريق السكة الحديد أجده يرسل لي صافرة تحية ويذكرني أن الرحيل ليس رفاهية طالما لم يحن الموعد بعد، وأفيق على تساؤلي الوجودي المتكرر "أومال عصر تأخير القطارات خلص وللا ايه"، وهكذا ملايين التفاصيل التي تجعلني أتمنى فقط لو أخذتني صاعقة من السماء
أنا حزينة، وليس لدي رصيداً يكفي من الفرح، وتسيطر على ذهني فكرة أنني وحدي تماماً رغم ما يبدو في الفكرة من ظلم للمقربين، أبتعد حتى لا يصيبهم عطب روحي بالعدوى، روحي معطوبة حقاً ولا أتمنى سوى ان أرحل من هنا، كم ما عاصرته من مرارة في الفترة الأخيرة يكفي ويفيض، فقط لو رحلت من هنا سوف يكون كل شيءعلى ما يرام.
لا جدوى لأي شيء، أحاول منذ فترة أن أضحك، لاشيء يستفزني كفاية لتخرج ضحكتي بصوت وأرجع رأسي للوراء كما كنت أفعل، كل الأشياء تستفزني ناحية البكاء، غباء البشر في العمل، كم غباء لا أملك حياله سوى الاختناق بالدموع، ضعف مزري تجاه العالم يجعلني أنفجر في كل الأحوال، حتى السائق الذي تبجح اليوم كان بإمكاني أن أجعله ينتحر بضحكة لا مبالية ولكن بدلاً من ذلك شخطت فيه ليشخط في في المقابل ويكسب هو المعركة لأن حنجرته أقوى. كل شيء يستفزني ناحية البكاء فلا الحياة حياة ولا الرحيل متاح، كل ما أرجوه هو أن أستسلم لنوم طويل طوييييييييييل، ربما غيبوبة أيضاً.
أتحدث عن مشاكلي، أتحدث وأراها تصغر، ما إن تصغر حتى يتراكم عليها تفاصيل أخرى جديدة تجعلها تكبر من جديد، ككرة الثلج كلما تدحرجت أكثر كلما زاد حجمها. أنا أختنق، كرة الثلج تقف فوق صدراي مانعة إياي من التنفس.
اليوم، تهت. اليوم أول مرة لي في أن أشرد تاماً عني.اليوم انسلخت عن ذاتي فعلاً وهزمني عقلي المدود والأسئلة الصعبة التي لا اجد لها جواباً.
اليوم، لابد أن ينتهي.
......إنجي إبراهيم......