الأحد، 17 فبراير 2013

بعثرة


أرجوك تحملني فأنا أعاني من عطب بالذاكرة، يقول زملائي هنا أنني تلقيت ضرب عنيف نتج عنه تكسير في أطرافي مع تشويش ذاكرتي الواضح.

تناوشني أحياناً ذكريات أنه كان لي أصدقاء، بالتحديد فتى وفتاة سمراوان، أتذكرهم أحياناً ثم تغيم الذكرى من جديد، زملائي هنا يقولون ألا جدوى من التذكر فلن يعود صديقاي وفي كل الأحوال لن أراهما مرة أخرى.

أتذكر الفتاة ضاحكة، أحياناً عابسة، يجيء لي وجه الفتى مستبشر وأحياناً يزورني وجهه متجهم. أتذكر أنهم استأمنوني على أسرارهم، لمس يدها في حضوري وهمست هي لي بأنها تحبه.

تأتيني في ذكريات ضبابية رائحة سجائره، ورائحة عطرها، أتذكر أنها أخبرته مرة أنها تحب رائحة يديه عندما تكون أصابعه مشبعة بالنيكوتين، وأتذكره يخبرها أنه يحب روائح عطورها.

أفتقدهم، حتى شجاراتهم العنيفة، أفتقدها، أفتقد تلبد الأجواء بينهم بالغيوم ثم مطر الضحكات عندما يصفو الموقف بينهم. كانوا حقيقيين جداً وكنت أحبهم فعلاً.

لا أستطيع أن أتذكر أسمائهما، أتذكر تربيتات الفتاة على جسدي وتعامل الفتى الرفيق معي، يا إلهي ليتني أفقد ذاكرتي نهائياً حتى لا تعذبني الذكرى الغائمة.

أرجوك تحملني في كلماتي المبعثرة، فأنت لا تقابلني يومياً، إستمع لشكوتي ربما أمكنك أن تقابل الفتى والفتاة في الطريق يوماً ما فتخبرهم أنني أفتقدهم وأنهما الشيء الوحيد الذي أذكره مما قبل الحادث.

من أنا؟؟ أنا منضدة خشبية أحمل رقم ثلاثة كنت أسكن في المقهى الذي يرتادانه قبل أن يقوم صاحب المقهى برميي وزملائي في المخزن بعد تكسيرنا ويستبدلنا بآخرين.
..........إنجي إبراهيم..........

هناك 4 تعليقات:

bent ali يقول...

لطالما امنت ان الجماد يمكنه أن يكون أكثر وفاءاً من بعض البشر.. تدوينة جميلة

hanan khorshid يقول...

ايوه كدا :)
حلوة أوووى
الذاكرة الغائمة هى كل ما يعكر صفو ايامنا :(

إبـراهيم ... يقول...

يااااه ...


كان واحشني كلامك :)
.

Foxology يقول...

رائعة كالعادة :)

تحياتي