الأربعاء، 18 أغسطس 2010

يكمن فى التفاصيل


اليوم..الآن تحديداً..يمكننى أن أعترف بأى/كل شىء..ربما إذا أردتنى أن أعترف بقتل سبعة من الأطفال الرضع وحرق مخزني حبوب وإختلاس ثمانية عشر جنيهاً سوف أعترف ببساطة..أكتب ذلك النص وأنا -تقريباً- مغيبة..رأسى يعتقد -على سبيل الخطأ- أنه كرة حديدية..ثقييييييل على عنقى ويهتز بثقة فأعدله حتى لا يتدحرج إلى الأرض وأضطر لتثبيته مرة أخرى..لم أنم نوماً حقيقياً منذ أربعة أيام تقريباً حتى ارتكبت أمس خطأين فادحين فى العمل فقررت أنه حان الوقت للنوم..لم أذهب اليوم لأننى بالفعل أحتاج أن أنام..صحوت فى الواحدة بانتفاخين فى منتهى الأناقة تحت عيناى..المنشفة تلتف حول رأسى منذ أن خرجت من الحمام وليس لدى النية لنزعها
وأنا فى هذه الحالة العبقرية قررت أن أحدثك -عزيزى القارىء- عن شيطانى الخاص..شيطان التفاصيل الخاص بي وحدى..هل تعرف المثل الغربى القائل بأن الشيطان يكمن فى التفاصيل؟؟ أؤمن أنا بذلك المثل بشدة..فأنا شيطانى يكمن فى التفاصيل التى -حتماً سوف توردنى موارد التهلكة ذات يوم غير بعيد- إذا أردت أن تعرف لماذا..فضلاً إتبعنى فى السطور القادمة.

التفاصيل تملأ رأسى بشكل مرعب..أعتقد أننى الوحيدة التى لاحظت فى الشوارع الرمز العجيب UGM المكتوب بالاسبراى على الحوائط
والرمز الآخر DO7 الذى يرافقه..أنا فقط التى تعرف أن حروف س م ج تتكرر بشكل كبير على ألواح سيارات الملاكى..أما سيارات الأجرة فهم دائما آتون من س ق ر ..التفاصيل هى التى تجعل تخطى البشر بالنسبة لى عملية معقدة جداً..نسيان الأشخاص والتخلى عن الأشياء فى نظرى أعمال بطولية تليق بآلهة الأوليمب.

اللعنة عليها..تلك التفاصيل التى تجعل أغنية ما حكراً على شخص معين..كلمة..مكان..حتى الألوان هى اجزاء من أرواح..لا أستطيع أن أرى الأزرق دون أن أتذكر أحدهم..وفى الغالب هذا الأحدهم رحل وترك ندبة كبيرة جداً ولكن الأزرق فى عالمى ملكه..تلك تفصيلة لا أستطيع التخلي عنها..كافيتريا البرازيلى..اللبن..مطروح..القلعة..أقلامى وأوراقى..كراساتى..نغمات الموبايل..كل الأغنيات..حتى الأيام..أجزاء من أشخاص..تفاصيل صغيرة ترتبط بالأشخاص فى ذهنى وتكملهم بشكل أو بآخر.

تفاصيلى الشخصية أيضاً كثيرة..أعتقد أننى إذا قررت أن أسافر فى يوم ما سوف أسافر بطائرة وحدى..لا يوجد من أشيائى التى أحتفظ بها ما يمكن أن أفكر فى التخلى عنه..كتبى التى ملأت المكتبة المرتجلة التى إتخذتها من أحد ضلفات النيش الكبير والتى تكومت فوق بعضها ..أمتلك قصاصات ورق من الثانوية العامة..عملات من الإعدادى..أوتوجراف من الإبتدائى..شرائط كاسيت..كتب كثيرة..كراسات..أقلام فارغة..ميداليات..كتب جامعية..تذاكر سينما..تذاكر قطارات..ومتفرقات أخرى كثيرة.

حقيبتى أكبر مرتع للتفاصيل يمكنك أن تراه..أصل الأشياء يقول أن البنى آدم مننا عندما يخرج للشارع يحمل ما يلزمه فقط..ولكن أنا يمكننى أن أعيش ثلاثة أيام خارج بيتى دون أن أشعر أننى أحتاج شيئاً ما..هناك فيلم بطولة جينيفر لوبيز يحمل إسم The wedding planner سألها البطل فى أحد مشاهده متعجباً ماذا تحمل فى حقيبتها فأجابته ببساطة My entire universe .

حقيبتى تحتوى محفظة جلدية هى نفسها أحد تفاصيلى المهمة..محفظتى تلك أمتلكها منذ عامى الأول الجامعى..ولا أستطيع تخيل اليوم الذى سوف أتخلى عنها فيه..داخل المحفظة صور شخصية لى، صور لمعظم أفراد عائلتى، صورة فرح إسراء صديقتى، كارت سبوع شهد ذات الست أعوام الآن، ورقة أذكار أهداها لى أحدهم منذ خمسة أعوام ورحل هذا الأحدهم وظلت الورقة كى تذكرنى، كارنيه النادى، كارنيه الجامعة مع كونى خريجة أصلاً، كارنيه معهد اللغات الذى أعشقه والذى أختفظ بالكارنيه الخاص به لهذا السبب فقط مع أن صلاحيه الكارنيه منتهية، كارنيه مكتبة الأسكندرية الذى لا يختلف سبب إقتنائى له عن سابقه، كارنيه آخر للمعهد وأحتفظ به لأنه بداية علاقة الحب بينى وبين معهد اللغات، بطاقتى الشخصية ذات الصورة المرعبة، إيصال تبرع لصالح غزة من الهلال الأحمر عمره عامان، نقود، خط فودافون لا أستخدمه لأننى متعصبة لشبكتى الحبيبة، ورقة أعتبرها تميمة كتب عليها "جابرييل" و "مستر أحمد حمدى" مدرسين المنحة التى انتهت من عام..تلك الورقة كتب عليها جابرييل "Needs to channel her undeniable strength" وكتب عليها مستر أحمد "I hope to see you like Nagib Mahfouz insha Allah..you can" تلك الورقة أخرجها بين الحين والآخر كى أتأملها وأعيدها لمكانها مرة أخرى وأنا أكثر سعادة وقدرة على المواجهة.

تحتوى حقيبتى أيضاً على مناديل ورقية بأعداد خرافية..ومناديل مبللة..ودواء للصداع -بنادول إذا كانت الحالة المادية تسمح أو بروفين فى حالات الإفلاس- دواء منظم لضربات القلب لأن الجهاز العصبى الباراسمبثاوى عندك ضارب يا إنجى كما يقول الطبيب..دواء مهدىء للمعدة والقولون تفادياً للألم الرهيب..قطرة للعين..شنطة صغيرة للماكياج الذى لا أضعه غالباً..بوك من الجلد الطبيعى منقوش عليه أول حرف من إسمى أهدته لى أمى هو والميدالية التى تتخذ شكل إسمى منذ خمسة أعوام ويحتوى البوك على فلاش ميمورى وريدر للموبايل وفص الخاتم الأحمر ذو الثمانية أعوام..جراب العوينات -عوينات النظر من قبل والآن عوينات الشمس- ..سماعات الموبايل..شاحن الموبايل..الموبايل ذاته..نوتة قديمة بها أرقام تليفونات وجمل كتبتها وإهداءات من مرام وأسماء كتب وعناوين إلكترونية ودعائين وعناوين منازل وأسماء أغنيات..نوتة جديدة تحوى كل ما سبق مضافاً إليه أسماء حساباتى على الياهو والجى ميل والهوت ميل والسكايب والمدونة مع كلمات الدخول..فازلين للبشرة..كريم مرطب..بلوك نوت انتهى استخدامه من سنة..مصحف..سكاكر ولبان.

تفاصيل يربكنى وجودها..يحيرنى ويملأ حياتى بالفوضى..ولكن بدونها لن أتعرفنى..يخيل إلى أننى الشخص الوحيد الذى لو فقد ذاكرته يكفيه العودة لكراكيبه كى يعرف من هو بالضبط..لن أتغير لو فقدت ذاكرتى..تكفينى جلسة واحدة وسط تفاصيلى حتى أعود للتصرف بغبائى المعتاد وفوضويتى وغضبى وعصبيتى.

شيطانى يكمن فى التفاصيل وأيضاً ملاكى الحارس يكمن بها.

.........إنجى إبراهيم.........

هناك 12 تعليقًا:

Ramy يقول...

كل سنة وانت طيبة

طب أعلق أقول أيه بس

(:

أنا اهبحب حاجاتى القديمة علشان بتفكرنى بلحظات لا أتذكر منها انها جميلة او سيئة

يا لها من تفاصيل ....

أقصد يا له من موضوع .....

رمضان كريم

(:

adel يقول...

مش مصدق

Lobna Ahmed Nour يقول...

كنت أتمنى لو أستطيع لملمة تفاصيلي وحمايتها كما تفعلين
كثرة الفقد تقسي القلب فلا يعود يهتم

دمتِ ودامت تفاصيلك

ميرا ( وومن ) يقول...

أول زيارة لمدونتك وأشعر اني وصلت في وقت مناسب

لأقرأني بين سطورك وتفاصيلك التي تتشابه مع تفاصيلي

أحياناً كثيرة أشعر أني مثقلة بتلك التفاصيل

تقبلي مروري وتحياتي لأسلوبك الرائع

shicooo يقول...

miss chating with u ma friend

Foxology يقول...

عرفنا الشيطان الذى يكمن فى التفاصيل فأين الملاك الحارس الذى يكمن ايضا فى تلك التفاصيل ؟؟؟ ملحوظة خبيثة من اعماق التفاصيل اليس كذلك ؟؟؟ :)))

تحياتى وادام الله عمر تفاصيلك المميزة لك

dr.lecter يقول...

باعمل زيك

heba يقول...

يكفيني جداً أن أقرأ كلمة "عوينات" لأوقن أنك من عشاق د.أحمد خالد توفيق .. فقد حفظتها عن ظهر قلب لكثرة ترديد أخي لها .. لاحظت أن جميع من يقرؤون لـ د.أحمد يتميزون بطريقة تفكير معينة ويعبرون بأسلوب معينة ويستخدمون ألفاظ معينة لتجتمع كل هذه المعينات وتصب في قالب واحد مختلف ومتفرد ومبدع .. تحياتي لكي ولتفاصيلك .. كنت قبل قراءتي لتدوينتك أظنني أعشق التفاصيل وأهتم بها ولكني أدرك الآن أن هناك من يعشق التفاصيل بمعناها الحقيقي وبطريقة أفضل مني بكثير .. تحياتي لك ولتفاصيلك

heba يقول...

خطأ مطبعي : أسلوب معين

غير معرف يقول...

da ana

richardCatheart يقول...

ازيك يا انجى كل سنه وانت طيبه وبخير وصحه

يارب

البت مريهان بعتالك السلام كتتتتتتتتتتتتير اوى

يارب ديما بخير انت والاهل والاحباب

فراشة يقول...

اقول ايه بس ف الاول كدا انا جيت هنا منزمان والمدونة كانت عجباني قوي ومعرفش صحيت تاني يوم افتكر الاسم ابدا ولسه فاتحاها دلوقتي صدفه حلوة جدا بجد فرحت بيها اني قريتلك تاني

انا من عشاق التفاصيل الصغيرة
كلامك واسلوبك حلو جدا