
يدهشها دائماً كيف لبشر لما يتقابلواً أبداً ولم تجمعهم رقعة أرض واحدة أن يتشابهوا بتلك الصورة الآسرة..يبهرها كيف يمكن لأحدهم أن يستخدم نفس الألفاظ وينطق بنفس الطريقة التى يفعل بها آخر يعيش بعيداً عنه ولم يقابله ولو مرة واحدة.
....................................................................................
تعتبر أنها لو قابلت من يشبهه/يتحدث مثله/يستخدم تعبيراته هدايا الكون الرقيقة التى يرسلها هو إليها خصيصاً كى تسعد..يمكنها أن تقف مذهولة إذا قابلت -عرضاً- من يشبهه فى الطريق..يخيل إليها أنها يمكنها أن تقف وتحتضنه وتهمس له أن "طب سلملي عليه وقوله الهدية وصلت"..يمكنها أن تبتسم بلا سبب محدد لمار فى الطريق إذا اشتمت عطره ووجدته يستخدم نفس العطر الذى يدوخها دون أن يحتوى على مخدر ما..يبقى كل ذلك بمنأى عن حيرتها البالغة عندما تسمع أحدهم يتحدث بنفس الألفاظ وينطق بنفس الطريقة التى ينطق بها الكلمات..بل ويضغط على نفس الحروف..تعتبرها معجزات صغيرة وتمتن لله الذى لم يستمع إلى البشر الذين قرروا أن زمن المعجزات ولي بلا رجعة
...............................................................................
تحادث صديقتها محادثة مطولة يتكلمن فيها عن كل شىء..يضحكن بخبث كى لا يفهم من حولهن من الطرفين ماذا يقلن..تخبرها بأخبار العاشق المدله..ذلك الذى يعتقد أنه خلق كي يسحر الفتيات ويصرعهن فى حبه..تخبرها فى المقابل أنه استخدم ذات السيناريو معها..تضحكن كثيراً من فرط سذاجته أو ربما غبائه..يهتفن فى وقت واحد "ياشيخة دة بنى آدم مكررررررررر".
تستمر المكالمة حتى تخبر الصديقة بشىء ما فترد الأخرى عليها بثقة من يضع نقطة فى آخر جملة مكتملة أنه " أكيد"..تسكت ثانيتين حتى تسيطر على قلبها الذى قرر فجأة أن يقفز من مكانه بعد أن سمعت منها لفظة " أكيد" وتخبرها أن "إنتى بتتكلمى زيه بالظبط"..تضحك الأخرى وتخبرها أنها لم تعرفه وأن الله قادر على كل شىء..تظل تداعبها بأن القصة سوف تتضح فى النهاية أنها كالأفلام الهندية وسوف تقابلها به فى يوم ما فيحبها لأنها تتكلم مثله ويتركها..تضحكن وتكملن المحادثة الأبدية.
..........................................................................
يمكنها أن تكتب قصة عن كل لفتة يفعلها هو..حتى الانعكاسات اللاإرادية التى يفعلها البشر جميعاً يمكنها أن تكتب عن كل منها قصة مكتملة الأركان..يمكنها أن تكتب عن كل كلمة من كلماته نصاً محكم البناء وعبقري الصياغة..يمكنها أن تفعل كل ذلك بسهولة من يكتب إسمه..ولكن سحر ان ترى صديقتها تتكلم مثله له طعم آخر.
ربما لأنهن يتشاركن أسرار كثيرة سوياً..ربما لأنها تحكيها عنه كثيراً..ربما لأنها تعرف أنها مثلها..تفهم ما يمكن أن يعنيه أن تحب إحداهن رجلاً تسحرها تفاصيل يومه العادية جداً والتى لا تلفت نظر أياً كان..ربما لأنهن يمتلكن معاً لغة خاصة/شفرة لا يمكن لأحدهم أن يكتشفها.
........................................................................
تستمر المكالمة حتى تشعر أنها أوشكت على النوم بالفعل..تخبر صديقتها بذلك فتهتف الأخرى أنها لن تنام الآن "خااااااااالص"..تنطلق فى ضحكة يمكنها أن توقظ كل النجمات النائمات على بعد آلاف الأميال من الأرض لأنها نطقتها بنفس الكيفية.. تخبرها أن تلك الكلمة تذكرها به أيضاً فترد عليها بطيبة غريبة أن "سبحان الله" ثم تقرر أنها سوف تعفو عنها وتتركها لتنام..تنهى المكالمة بهمسة "تصبحي على خير".
....................................................................
تبهرها قدرة الأرض على الدوران..تبهرها قدرة الكون على أن يهدينا أشياء ليست فى الحسبان..تبهرها الصدفة العجيبة التى جعلت الله يرسلها لها لتذكرها به طوال الوقت وتشعر أن الكون يراقب رضاها بسماعها لكلماته تتردد حولها حتى فى الغياب بابتسامة ثقة.
....................................................................
بعد كل مرة تتلفظ فيها صديقتها بلفظ يشبه ألفاظه..يقفز قلبها تضرعاً لله ألا تفقده حتى لا تكون أصوات الكون من حولها وخزات فى القلب الذى لن يستطيع تحمل وخزات أكثر..فى كل مرة تنطق صديقتها كلمات تشبه كلماته تنظر للسماء ويرسل قلبها دعاءاً لا ينطقه اللسان ألا تتحول تلك الهدايا إلى شهب محترقة فى سماء الذاكرة.
..........إنجى إبراهيم...............
القصة إهداء إليها..هى التى تعرف أكثر مما يجب بما يتوجب -ربما- قتلها لضمان عدم إذاعة الأسرار ولضمان السرية.