الجمعة، 12 أغسطس 2011

غرق

المشهد الأول :
ترتدي قميصه وتقف في صالة منزلهم تحت الثريا تماماً، تبدل عيناها بين إتجاهي الثريا والساعة، تفكر أنه تأخر جداً وأنها سوف تتألم عندما تسقط الثريا فوق رأسها مباشرة، صامتة تماماً وتعبث فى رأسها احتمالات عدة عن سبب تأخيره، ينقبض قلبها عند التفكير في حادث سير أو مشكلة صعبة جعلته يتأخر عن العودة للبيت، وتفكر في أن تلك الثريا مناسبة جداً للسقوط والتكسر مائة وعشرون قطعة على الأقل।
............................................................................
" أحياناً يبدو الواقع سيناريو ممتازاً لكتابة قصة مشحونة بمشاعر متضاربة، تفاصيل كثيرة تغمرك تماماً حتى تعجز عن التفكير المنطقي"
...........................................................................

المشهد الثاني:
ترتدي نفس القميص وتقف أمام مقعده المفضل فى الشرفة وتمسك بالهاتف، تخبره أن "تصدق؟؟ أنا النهاردة كنت واقفة مستنياك قدام الباب وناسية خالص انك مسافر وانك مش راجع النهاردة أصلاً، ولا بكرة، ولا بعده"
..........................................................................
" وأحياناً أخرى تغمرنا التفاصيل حتى نرى أوضح، حتى نعرف الفرق بين أن تكون أنت، وأن تكون آخر يتظاهر أنه أنت"
.........................................................................
المشهد الثالث:
ترتدي نفس القميص وتتمدد على الفراش وتنظر للسقف، تكتم أنفاسها تماماً عل الزمن يتوقف، تنظر للساعة وترى أن الزمن يمر، عقرب الدقائق لا يتوانى لحظة عن محاولة اللحاق بسرعة سريان الكون من حولها، تجرب أن تغمض عينيها أيضاً مع كتم النفس ربما لهذا تأثير ما، علها لا تشعر بالزمن الذي يمر بطيئاً في الغياب، تشهق بعد ثلاث دقائق وتفتح عينيها ذعراً لتجد أنه -فقط- مرت دقائق ولم يتغير شىء من حولها، لازالت في نفس اليوم، ومازال هو بعيداً جداً، ومازال البيت صامت للغاية।
.......................................................................
" لماذا لم يعلمونا أن نتخذ عدتنا عندما نوشك على الغرق فى التفاصيل؟ لماذا لم يخبرونا بضرورة النفس العميق والورقة والقلم في كل مرة غرق؟ لماذا لم يعلمونا أن للتفاصيل سحر الموت؟"
.......................................................................
المشهد الأخير:
بنفس القميص، تنهض وتتناول زجاجة عطره، ترش رذاذ خفيف في الغرفة وعلى الفراش، تطفىء الأنوار تماماً حتى لا تلاحظ أنه لا يحتل مكانه بجانبها، وتتمدد في الجانب المخصص لها، في العتمة يمكنها ألا تلاحظ الفراغ بجانبها، ولكن الظلام لا يمنع أذنيها عن التقاط صمت يحتله في الأيام الأخرى صوت تنفسه، تتزحزح بالتدريج حتى تحتل الجانب المخصص له فى الفراش وتغمض عينيها।


.............إنجي إبراهيم.........

هناك 6 تعليقات:

blue-wave يقول...

واة من وجع الشوق ولهفة الإنتظار
مبدعة كالعادة

عالمى ازرق يقول...

فقط لان هناك اشياء - لنتعلمها - ينبغى ان ندفع ثمنها بأنفسنا

Unknown يقول...

أيها الماضي! لا تغيِّرنا... كلما ابتعدنا عنك!

أيها المستقبل: لا تسألنا: مَنْ أنتم؟
وماذا تريدون مني؟ فنحن أيضاً لا نعرف.

أَيها الحاضر! تحمَّلنا قليلاً، فلسنا سوى
عابري سبيلٍ ثقلاءِ الظل!

محمود درويش

Tamer Nabil Moussa يقول...

الانتظار نار الحب

كل سنة وانتى طيبة انجى

رمضان كريم

مع خالص تحياتى

adel يقول...

:):)

Foxology يقول...

الانتظار موت بطئ خاصة اذا كان الانتظار لا يفضى الى التقاء

تحياتى