
انا؟؟؟ أنا اعمل دينامو..حسنا ..تريد شرح أكثر؟؟ هو حقك بالطبع..
هل تعرف صالات الافراح التى انتشرت بتوسع شديد فى الفترة الأخيرة؟؟ صالات أفراح ليست شديدة الرقى ولا الارستقراطية..ولكنها تمنح العروسين شريط فيديو يشاهدونه كى يتحسروا بعد فترة..
أعمل فى واحدة من تلك الصالات سيئة التهوية كثيرة الاعمدة قليلة عدد المقاعد خانقة الجو خافتة الاضاءة مما يفترض به أن يوحى بالكثير من الرومانسية ..
أما عنى أنا فأنا دينامو تلك القاعة..أنا من يقف ليراقب كل صغيرة وكبيرة كى يدخل فى الوقت المناسب بالحدث المناسب..ليس فى هذا أى شىء يذكرك بمخططى الافراح الاجانب..كلا..أنا فقط شىء أشبه بالانسان الآلى..فى لحظة معينة ادخل بالكأس كى يشرب منه العروسان وتتظاهر العروس بالخجل ويتظاهر العريس بطول البال..فى لحظة أخرى ادخل كى أدعو العروسين لرقصة هادئة على أنغام أغنية ما تعجب الكثير من المدعوين..هناك أيضا لحظة أخرى أدخل فيها القاعة كى اعطى للعريس تلك الشوكة الخالدة ذات قطعة الكيك الابدية والتى يجب أن يقتسمها العروسين فى مشهد رقيق بعد الكثير من التردد من العروس وارجاع رأسها للخلف خشية أن تلمس شفاه العريس شفتيها..
هى لحظات مقننة ومعروفة ..أحفظها أنا عن ظهر قلب و أقوم بعملى على أكمل وجه وأنا أرتدى ثياب السهرة وأرسم أرق ابتسامة على وجهى واتمتم بجمل الامنيات العميقة بالسعادة الأبدية..
اليوم الفرح يختلف قليلا..اليوم فرح احدى قريباتى اللاتى تخطب اليوم الى ذلك الشاب الذى لا يسمح تعمقنا العائلى معها بمعرفته..ولكن أهلها يعرفون أنى أعمل فى تلك القاعة الرخيصة التكاليف والتى سوف تمنحهم شريط فيديو أنيق ..وسطونى كى أحصل لهم على تخفيض ما على ليلة الخطبة باعتبارى واسطة من نوع ما.
المختلف اليوم أن تلك هى الخطبة الرابعة لنفس الفتاة..حضرت الاربع حفلات لنفس العروس..ثلاث منهم كن فى قاعات مثل تلك القاعة الغير راقية بالمرة ولكنها تجمع المدعوين فى مكان ما تستطيع فيه الفتيات أن تستعرض قدرتها على لفت نظر مصور الفيديو بجمالها الذى ترى أنه أخاذ..
كنت أراقب العروسين هذه المرة لانها مهنتى التى أقتات منها..
دخلت العروس بثوب ذو لون صارخ ..دائما ما تختار تلك الفتاة الألوان الصارخة كأنما هو واجب وطنى..ولكن تلك المرة الثوب فاضح جدا..مختلف عن الثلاث أثواب التى ارتدتها من قبل..هى محجبة فى الأساس ولكنها تخلع ذلك الحجاب كى تظهر كم أن ذلك الخاطب محظوظ لأنه حصل عليها و سوف يتزوجها هى بالذات..
الليلة هى كأنما تريد أن تثبت للمدعوين والذين بالطبع حضر معظمهم خطوباتها السابقة أن خطابها السابقين حمقى..الثوب ينحسر عن صدرها ويترك مساحة كبيرة جدا بين عنقها و بداية الفستان..ولم تحاول هى تقليل المساحة بأى اكسسوارات فالهدف كما قلنا هو أن تثبت أنها أنثى جدا على الرغم من شكلها المبتذل..ولكن دعنا نعترف أن من يختار تلك القاعة التى اعمل فيها لا يجب أن يكون بارونا من البارونات القدامى ولذلك سوف أتفهم ذلك التدنى فى أذواق المدعوين فى اللبس والماكياج..سوف أغض البصر أيضا عن كل تلك الفتيات ذوات الاثواب المهلهلة التى يجب تسميتها سواريه و الشعور المصبوغة بالاصفر الصارخ على البشرة السمراء وكل هذا الطلاء الذى لابد أنه من نوعية ممتازة ربما هو باكين أو سايبس ..
بدأ الفرح برقصة هادئة والتى يصرون على تسميتها سلو وينطقونها بكسر السين..ثم فجأة وبلا مقدمات انتاب الجميع جنون الرقص..وضع الدى جى مان واحدة من تلك الأغنيات التى تقتصر على جملة واحدة ومزيكا صاخبة من ورائها وفى الغالب ما ينحدر مستوى تلك الأغنية الى الدرك الأسفل من الكلمات..
بدأت العروس فى الرقص وهى مناسبة أخرى لاستعراض الفستان الذى لابد أنها أجرته بما لا يقل عن المائة وخمسون جنيها مثلا..تكفى كمية الترتر وخرج النجف الذى يغطى الصدر مما يجعله مناسب جدا بكل ذلك اللمعان الذى يضفيه على جسدها العارى..
رقصت العروس كما ترقص أى عالمة تجيد عملها..رقص شرقى من الذى يقولون عنه أنه جذاب ومغرى جدا..لابد أننى افتقد شيئا ما من صفات الرجل الشرقى..فأنا لم أشعر الا بأنها مبتذلة جدا وتؤدى نمرة فى أحد الملاهى الرخيصة..شاركها تلك الفقرة العريس والذى بالتأكيد رأيه يختلف عن رأيي فى مسألة الرقص تلك..
بعدها جاء دورى كى أدخل بالشبكة..دخلت و انا أرسم على وجهى أسمى آيات الفخر بهم..
بعدها جاء الشربات كى يقدم ودخلت أنا أتقدم عدد من الشباب التعس الذى مهمته هو أن يوزع أكواب الشربات والعصائر على المدعوين..
هذا الفرح بالذات يمشى بسلاسة غير طبيعية فالعروس خبرة كبيرة فى الافراح..ما يدهشنى حقا انها تكرر ذات اللفتات التى فعلتها فى الأفراح السابقة بلا أدنى تغيير..ترقص بنفس الخطوات تقريبا..تضاحك زميلاتها..عينها أصبحت مدربة على حركة مصور الفيديو حولها..تميل برأسها على العريس كى تقول له شىء ما ثم تضحك بدلال..تشير للمدعوين بحركة المفترض أنها أنيقة..
نفس اللفتات فى الأفراح السابقة التى كانت بطلتها نفس العروس..فقط يتغير الرجل الكائن بجوارها..
اشفق عليها فعلا من الملل..الا تشعر أن كل ذلك سخيف ومكرر وممل جدا؟؟
هل تشعر فعلا بالفرحة؟؟ نفس الطقوس ونفس الترتيبات..حتى المدعوين منهم من حضر بنفس الملابس التى حضر بها احد أفراحها من قبل؟؟
ألم يكن من الأجدى أن تقوم ببعض التغيير طلبا لتغيير النهاية التى تتكرر فى كل مرة؟؟
حتى تلك الفتاة التى تحوم حولها والتى تصبع شعرها بالاصفر وترتدى ثوب تضم ياقته طلبا للستر طوال الحفل والتى رقصت حتى هدها التعب مع صديقتها العروس..هى أيضا مكررة للغاية..بالتأكيد قريبتى تلك تعرف فى قرارة نفسها أن فرحها لا يمثل لصديقتها أى شىء فهو لقطة تعاد للمرة الثالثة بنفس التفاصيل الدقيقة وللمرة الرابعة بنفس التفاصيل العامة..
أتخيل الفرح فعل شديد الخصوصية لا يحدث سوى مرة واحدة بتفاصيله واذا قدر وتكرر لابد أن نغير التفاصيل حتى نستمتع..لا يجب أن تسيطر نزعاتنا المادية علينا لدرجة أن نهمل ذلك الجانب لهذه الدرجة..
عفوا..جاء موعد كأس الشربات الأبدى والذى سوف تتدلل العروس عدة مرات قبل أن تقرب شفتيها من حافته كما قلت..الغريب أن تلك العروس لم تفعل..فهى شربت منه من أول مرة طلب منها فيها ذلك..بل وضبططت زاوية رأسها تلقائيا كى تريح مصور الفيديو وتخرج اللقطة مضبوطة جدا..
أما ما ليس غريبا بالمرة فهو ما سمعته من صديقتها التى لم تغفل لحظة عنها..تلك الفتاة التى تقف جوارها والتى تتقافز حولها كى تعدل من وضع الثوب وضبط المسرح حولها..
نعم هى تلك الفتاة التى تطلى وجهها وتضم ياقة الثوب طوال الحفل..سمعتها تقول لصديقة أخرى بلا أى تعبير على وجهها..
- تتكسف من ايه يا بنتى دة رابع عريس...
...........انجى ابراهيم...............