الجمعة، 19 فبراير 2010

تفاصيل ليست صغيرة جدا


المكان: موقف سيارات الاجرة
الزمان: ظهرا.

متأنقة هى..تضع مكياجا رقيقا وطلاء شفاه داكن..يليق عليها الداكن أكثر..تسأل احد السائقين المنتشرين فى الموقف أى سيارة سوف تغادر متجهة الى المكان الذى تود ان تذهب اليه..يجيبها اجابة عادية مع ايحاءات توحى بالتحرش اللفظى بها..تنظر له باشفاق..احمق آخر لا يجد من يقهره فيحاول قهرها بكلمات لا تستطيع ان تدينه بها الا اذا استطاعت ان تصف تعبيرات وجهه وهو يكلمها..يشير لها الى العربة التى ستنطلق فتهز رأسها قائلة (ميرسى ليكى) وتضغط على ياء التانيث وهى تخاطبه كى تهينه اكثر مشفعة جملتها بابتسامة متشفية وترحل.

تصل الى السيارة فتجد سائقها يستند الى مقدمة السيارة وفى يده ساندوتش ملفوف اكثر من لفة ومن الواضح ان ما بداخله لاشىء تقريبا..فقط هو يقنع نفسه انه لا يأكل عيش حاف..ربما كى يستطيع أن يقسم انه افطر خبزا وجبنا عندما تسأله زوجته مع انه فى الواقع يأكل خبزا فقط..يومىء لها برأسه عندما تسأله عن وجهته ويعبر الشارع الى المقهى المقابل كى يأخذ كوب الشاى الحبر كى يضبط دماغه..ينهى الساندوتش سريعا ويلف حول مقدمة السيارة فيجد بائعة الخبز ذات الجلباب وطرحة الرأس تستعد للافطار ( صباحك حلو يا لوزة ) تضحك لوزة وترد التحية بأحسن منها (تعالى كل فلافل ) قبل أن يرد عليها يناديه بائع الجرائد (تعالى انقل معايا الفرش قدام شوية ) يتذمر السائق ( العربية حملت وعايز اطلع) ينظر له بائع الجرائد لائما فيذهب ليحمل معه فرش الجرائد بلا كلمة أخرى..ينهيان نقل الفرش فيبتسم بائع الجرائد (ربنا يحنن عليك)..

يبهرها كم التفاصيل فى موقف السيارات..تحب هؤلاء القوم حقا..مشاكلهم ليست بتفاهة مشاكل الاخرين الذين يعتبرون ان عدم قدرتهم على شراء هدية الفلنتاين هى أسوأ مايمكن أن يحدث فى عمر الكون..وليست مشاكلهم كبيرة كهؤلاء الذين يفتقدون ابنهم ذوى الميول السياسية والذى لا يعرفون له طريق منذ آخر مظاهرة..هؤلاء يعيشون على الهامش.. الموقف حياة كاملة بتفاصيل يجب ان تكون صقر كى تلاحظها كلها ..موقف السيارات عالم ساحر المقهى الذى يمد السائقين باكسير الحياة وباعة الجرائد والخبز والسائقين بخناقاتهم المتكررة وضحكاتهم المدوية..بشتائمهم البذيئة و دعواتهم الصادقة الى بعضهم أن (روح ربنا يحنن عليك) ..اغنياتهم الشعبية بدءا بالعبد والشيطان انتهاءا بشارب سيجارة بنى..السائقين القدامى الذين يوبخون اقرانهم الشباب عندما تبدو بادرة مضايقة منهم لاحدى الراكبات..عالم ثرى مكونه الاساسى هو البساطة والتلقائية.

ينتزعها من خواطرها ظهوره..وسيم هو..بلا شارب طبعا..نظراته ثاقبة ويعرف وجهته جيدا..نظره لا يحيد عن طريقه..ركب بجانبها على المقعدين المجاورين للسائق..هو بجانب السائق وهى بجانب النافذة..هو من قال لها وهو يفتح الباب (دخلينى انا من جوة وانتى اقعدى برة عشان متضايقيش) عجبا..انه جنتلمان كذلك..جلس ثم أخرج باكو بسكويت بالشوكولاتة و بدأ يأكله بهدوء دون صوت ودون أن يخرجه من الغلاف..راقبته..انه يمضغ بهدوء..من اين أتى بكل هذا التركيز وهى معتادة ممن فى مثل سنه ان يكون رقيع او على احسن تقدير أهوج..دائما تقول ان موقف السيارات يوحى لها بأحلاما كثيرة وتداعب اصدقائها قائلة انها سوف تشارك احدهم فى شراء سيارة اجرة وتعمل سائقا لبعض الوقت..الان ذات موقف السيارات يوقظ داخلها حلما آخر وهو امتلاك مثل هذا الوسيم الجالس جوارها..انشغلت بعض الوقت عن متابعته كى لا يلحظ وعادت تراقب ذلك السائق الذى يقسم ان (والقرآن والعدرا انا قبل منه..دة دورى أنا)..تختلس النظر اليه فتجده يخرج جنيه وربعا ثمن المشوار..تناولت منه الاجرة واعطته الباقى فنظر لها شاكرا ولم يتكلم لان فمه ملىء بقطع البسكويت..يفاجئها بانه ايضا ابن ناس ويفهم فى الذوق..ابتسمت..فتحت حقيبتها وتناولت علبة المناديل واخرجت واحدا وترقبت انهاؤه للبسكويت حتى تقدم له منديل..انهاه فاعطته المنديل مسرعة فشكرها ببعض الذهول..اخرجت له منديل اخر معطر واعطته له..تردد لحظات ثم قبله..همس للسائق ان (على جنب) فتحت الباب وانزلته..استدار لها مبتسما واخبرها انه (شكرا عالمناديل يا طنط)..حقا ان موقف السيارات عالم رائع ..



...........انجى ابراهيم..............

هناك 18 تعليقًا:

محمود محمد حسن يقول...

:)

الناس البسيطة اللي ما الدنيا داست عليهم ما بيهمهمش كتير ، مفيش حاجة تاني علشان يخسروها ، علشان كده عايشين بقلبهم ، داخلين في الدنيا شمال علشان خلاص ، ضربوا الأعور على عينه قال خسرانة خسرانة ..

الناس الكويسة المؤدبة ده انا وانت وغيرنا نقدر نعملهم ببساطة شديدة أوي ، مرة قريت مبادرة اسمها ابتسم لي شكراً .. ع الفيس أو حاجة زي كده ، المبادرة بتدعوا المصريين إنهم يبتسموا في وش بعض في المعاملات في الشوارع .. بسمة بسيطة مش حتكلفك حاجة .. الموضوع شدني جدا وفضلت اعمله .. ما تتصوريش كم السعادة اللي الواحد بيبقى فيها .. نفسي كل الناس تبتسم لبعض في تعاملتها ، يومنا حيبقى مختلف كتير اوي اكيد ..

الكتابة حلوة ، الحكي لذيذ ومش ممل ، وصلت للأخر بسرعة ، .. المفارقة في النهاية حلوة ..

مع اني قريت شبهها قبل كده
;)

adel يقول...

(شكرا عالمناديل يا طنط)
ايه التثبيتة دي !!!!!!
لا في الجون يا انجي :):)

هناء محمود يقول...

أنا كنت بقرأ وحاسة إنى سامعة الكلاكسات والخناقات والتحيات .. وأصوات البياعين .. أصله عيشرة عمر أربع سنين رايحة جاية

بس فى الآخر يقولها شكرا يا طنط

هههههههههههههههه

هو للدرجادى كان جركن مان

غير معرف يقول...

هههههههههههه
حلوة النهاية دى

عامة فعلا هو العالم ده مليان بالحكاوى و بلاحظها اوى لما بتأمل برضه الموقف بتاع أكتوبر قبل المحور قبل الميكروباص ما يطلع
بجد تحسيهم ناس ليهم عالم خاص بيهم و عيشة بتاعتهم هم بمشاكلها و فرحها و حلوها و مرها

shicooo يقول...

هعهعهعهعهععععععععع

حلوة دى يا طنط
D:

أسما يقول...

هههههههههههههه

بجد، ملعوبة... طنط؟ ده انا صدقته في الاول، بالذات لما كان بيمضغ الاكل من غير صوت، انا ما اكرهش في حياتي اد الحكاية، دي ممكن ما تخلينيش آكل اساسا، بس مش باقوم و اسيب الاكل عشان عيب احرج الشخض او الشخصاة اللي بياكلوا بصوت... ايه اللوك لوك ده؟ بس سيبك انتي، احلي حاجة في الدنيا هي التفاصيل... بس النهاية تهلك من الضحك.... هههههههههه، طيب هو ليه غير رأيه؟ هو مش كان جنتل.. يا ربي... جت الحزينة تفرح
:(

أحمد الشمسي يقول...

بعيدا عن شوية غلطات نحوية كده متنتور هنا وهناك... استمتعت جدا بالقراية. قدرة جميلة على الوصف، معجب جدا باللي قريته ولكن..
لو مكانك هعيد نظر في النهاية، الاشتغالة الأخرانية دي لم يمهد لها جيدا وتبدو مقحمة على النص، غير انها ما وصلتش لكل الناس، أنا شخصيا فهمت انه في الآخر هو طفل عشان كده بيقول يا طنط، فيه ناس تانية فهمت انه ما طلعش جنتل مان ولا حاجة.

النهاية دي مرتبكة

dr.lecter يقول...

بتكتبي عن حاجات الواحد مابيفكرش ياخد باله منها

ponpona يقول...

بحب طريقتك في الوصف :)

بالنسبة للنهاية .. أنا متفقة مع أحمد .

غير معرف يقول...

أرى تمكنًا هذه المرة من زمام القلم (الكي بورد) أجبرني على التعليق. حين يهتم الكاتب بالتفاصيل يجبرني على احترامه، أتحدث هنا عن تفاصيل الكتابة وليس عن تفاصيل الموقف. فقط أنا ما زلتُ مصممًا على أن قليلا من الاهتمام بالفارق بين همزات القطع والوصل والهاء والتاء ووضع علامات الترقيم في موضعها سيضيف الكثير للوحاتك.

still-searching يقول...

جميلة اوي

والأحلى هو التدقيق اوي في تفاصيل الموقف والفلسفة بتاعته
انا بشتغل قدام شبه موقف كده
وفعلا بشوفهم وهم بيتخانقوا ويضحكوا ويتجدعنوا مع بعض ومع الناس
ناس منهم في منتهى الأدب والذوق والجدعنة
وناس روشين طحن
وناس هاديين جدا
ورغم كل ده بتجمعهم شغلانة واحدة

جميلة والأجمل نهايتها
غير متوقعة خالص
:)

Unknown يقول...

معلش يا جماعة والنبى بس هارد عالتعليقات ان شاء الله بس ممكن ارد مبدئيا على تعليق غير معرف؟؟؟

غير معرف: وانا مصرة على انى معرفش الفرق بين الهمزات والمامى بالنحو يشبه المام عوكل بالفيزياء النووية..دة غير ان كان فى حد وعدنى بكتب مبسطة عن الموضوع دة وموفاش باى وعد خالص فمجتش على النحو يعنى..يللا سلام

م / محــمود حجــاب يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
م / محــمود حجــاب يقول...

** اضطررت للرجوع إلى النص الأصلي للقصة مرتين أخرتين لأن تعليقات أغلب الحبايب أثارت شكي في قدراتي العقلية .. لكني مازلت مصرا أن الوسيم هذا هو أصلا طفل صغير و ليس شابا يافعا متأنفا .. و عموما الفيصل سيكون دكتور إنجي طبعا سأنتظر ردها .

عودة للتعليق .

- أدبيا : أسلوب الاستطرادات و الانتقال بالمشهد جيد ، تعجبني طريقتك في حقن السيناريو بالحالة النفسية التي تبغينها .
كنت أتوقع منك دمج المكونات الرئيسية و العوامل الفنية للقصة بطريقة أكثر إبداعا كما عودتيني ، و لكني أعتبر هذه الطريقة بذاتها شيء من التجديد مع وضع علامة على أنك أيضا كنت تحتاجين وقتا أكثر لكتابة هذه القصة و لو أخذتي الوقت و المساحة الكافية لكانت أروع من ذلك .
أؤيد بشدة موقف ( غير معرف ) في أنك يجب عليك الاهتمام ببعض الشكليات الكتابية التي ستيضيف الكثير .

- فكريا : أعتقد أنني مع كل قصة يجب علي نسخ و لقص نفس العبارات التي تعبر عن مدى انبهاري بأفكارك الجديدة و المتجددةو فكرة موقف السيارات الأجرة كانت ممتازة - ولكن حاولي ألا تطغى تطلعاتك الشخصية على كل قصصك بهذه الطريقة الملحوظة فأنت كاتبة و مؤلفة :) - ولا تنسي أنك وقعتي في فخ نقص موارد تكوين الفكرة للقارئ فأغلب القراء فهموا أن الوسيم هو شاب أنيق و في النهاية عامل الفتاة معاملة سيئة بكلمة ( طنط ) ولكني أرى أنه كان طفلا صغيرا و بالتالي هذه جملة عادية جدا و لم تكسرالجو النفسي أبدا ، و هذا الاختلاف بين القراء في فهم أحد أهم محاور القصة يؤكد أن هناك نقص ما في القصة .

إجمالا .. عمل جيد ( 7 من 10 ) ، و أنتظر منك الأفضل دائما .

Unknown يقول...

محمود محمد حسن:ليك وحشة والله........



عادل:طبعا جون انت ناسى ان جدو كان بيلعب فى الاتحاد والاتحاد دة اسكندرانى يعنى ابن بلدى............



ام بوبة:هو كان طفل صغير فطبيعى يقول يا طنط..........



انا ودماغى: ماليش فى الوصفة دى اصلى اسكندرانية بس عموما انا كنت بتكلم عن موقف العصافرة بحرى..ابقى تعالى واحنا نفسحووووووووووووكى..........



شيكو:اه طبعا حلوة..........



ايزولد:دة طفل صغنتوت يا ايزو..يعنى دة عيل صغير وانا قلت انه بلا شارب وبعدين مفيش شاب كووول ياكل بسكويت فى وسط الناس خصوصا لو كان قاعد فى النص دة يبقى عبيط خالص..هع هع هع
وبعدين لو كان شاب كدة كبير وقل ادبه وقالها يا طنط كان زمانها قتلته فى وسط الشارع دة اقل واااااجب قال طنط قال..منورة جامد............





احمد الشمسى:ازيك يا دكتور والله كنت مستنية تعليقك عشان اعرف رايك ..الحمد لله ان الحكى حلو دى حاجة كويسة..النهاية بقى انا قلت انه بلا شارب بالطبع وقلت تمتلكه يعنى معرفش حسيت انه تمهيد كويس..او يمكن كان قصدى تبقى اشتغالة..عموما انا عندى مشكلة فى النهايات دايما..عموما انا بجرب حظى قبل ما اخد قرار نهائى بالكف.....انت منور جااااااااامد........



دكتور لكتر:يعنى عجبتك؟؟؟؟



بونبونة:ربنا يخليكى..بالنسبة للنهاية راجعى ردى على احمد.........




لسة بدور:ربنا يخليك...انا بحب موقف العربيات اوى.........




م/محمود حجاب: والله هو ولد ضغير يا جدعان دى حتى لما شافته قالت انه بلا شارب بالطبع..بالطبع لييييييييه لانه عيل صغنتوت..وبعدين صعب يلفت نظرها شاب كبير لمجرد انه ماشى فى حاله...الدنيا مليانة من النموذج دة لكن نموذج الولد الصغير الهادى دة مش موجود عشان كدة لفت نظرها..دة غير انه اداها هى تدفع الاجرة معنى كدة انه صغير لان العكس هو اللى بيحصل دايما..
بالنسبة لباقى النقد فانا متفقة معاك وبحاول اما انجح او اتوقف للابد..نورت وانت عارف انى بستنى رأيك...................

عايش... ولكن !!!! يقول...

ههههه ايه ده يا انووج
طنط :))))
تثبيته جامده

صبرني يارب يقول...

طنط

اخس عليكى فاكراه طلب رقم تليفون بابا يا شيخه
ههههههههههههههههههههه

عموما يا معلمي نو بروبليم انا مستعده ااجرلك البلكونه بتاعتنا

لا ااجرلك ليه تعالى بس اقعدي فيها ببلاش كده

وانتى تعيشى مع سواقين الموقف ورواده

وتسمعي كلامهم وشتيمتهم وتدوقي الامرين وتشتمي الموقف والسواقين والعربيات والفلاحين والعيشه والبلد والعيشه والى عايشنها

وذلك بصفتي احد سكان شارع موقف ميكروباص للارياف فى المنصوره

اه يا بابايا

msafa يقول...

دايما انا متأخر باجى فى الاخر زى كل الحاجات اللى فى حياتى كلها باجى وانا على الهامش وماليش مكان ... لكن معلش
يعنى عادى ....
حلو اوى ورائع الشوت ده .....
رائعة تفاصيلك ...
وحميميه ...