اوراق ملونة

هرع ليلحق باصدقاءه على سطح البناية ليشاركهم صنع زينة الشارع التى يصنعونها كل عام احتفالا بقدوم رمضان.
وصل الى السطح ووجد اكوام الورق الملون التى سوف تتحول الى قصاصات باشكال جميلة يربطها خيط طويل يصل بين المنازل و يهنىء بقدوم شهر رمضان.
طقس سنوى هو .... يجتمع و اصدقاءهمنذ اعوام ..... هو شاب الان تعدى العشرون و لكنه يمارس هذا الطقس السنوى منذ كان طفلا صغيرا.
تامل الاوراق الملونة و رسم على شفتيه ابتسامة.
كل لون من الالوان كان له ما يفسره فى نظره ز له ما يؤكد هذا التفسير من الاحداث.
هذه الورقة الحمراء الكبيرة تذكره بالاندفاع ..الاحمر كان يعنى الاندفاع من وجهة نظره . يتذكر منذ اعوام عندما تشاجر مع صديقه حول من سيعلق هذا الخيط الملىء بالمثلثات الحمراء عند منزله . كانت مشاجرة كبيرة انتهت بخصام بينه وبين صديقه لذلك يمثل له اللون الاحمر الاندفاع. ابتسم وتذكر انه تخلى عن هذا الاندفاع الان و ليس لديه النية لدخول مشاجرة من اجل بعض الاوراق حتى وان كانت حمراء.
جلس على الارض و تناول الورقة الاخرى .. صفراء هى.. كان الاصفر يمثل له المرح والصخب ..لا يعنيه ما يقوله خبراء الالوان عن انه يمثل الحقد والكراهية ..هو كان يرى الاصفر دليل على المرح والصخب والدليل على ذلك ان الاوراق الصفراء التى كان يقصها منذ اعوام هو واصدقاءه كانت مصدر ازعاج دائم للجار الساكن اسفل سطح المنزل مباشرة. فهو يتذكر ليلة السحور التى قام فيها بعمل الزينة من الاوراق الصفراء وما احدثه من صخب هو واصدقاءه مما جعل الجار ينزعج بشدة.
الان هو عاقل لا يستطيع ان يزعج الجيران بدعوى ان الاوراق الصفراء تحتم ذلك.هذا الكلام الان هو هراء اطفال.
اما هذه الورقة الخضراء فتمثل له البراءة .. براءة الايام الاولى عندما كان يسر لاصدقاءه فى هذه الجلسة بادق اسراره التى لاتخرج عن كونها حب مراهق او خطاب وضعه لها فى حقيبتها وهم عائدين من المدرسة..
الان لم يعد برىء ..لا يستطيع ان يسر لاصدقاءه باسراره لانه لم يعد مراهق ولان الامر لم يعد يقتصر على خطاب فى حقيبة..
ترك الاوراق الملونة وهب واقفا انه لا يستطيع ان يشارك فى هذه الجلسة..انه لا يستطيع ان يتفاعل مع الوان هذه الاوراق ..
هو الان كبير وناضج وكان يتفاعل معها عندما كان صغيرا ملىء بالحيوية والصخب و الاندفاع والبراءة ..
عندما كان الطهر والسذاجة هو اسم اللعبة.
الان هو لم يعد هو .. لا يستطيع ان يصنع زينة الشوارع مع اصدقاءه لانه تغير كثيرا.. ولم يعد الاحمر يمثل له الا لون الدم ..و الاصفر الغل والكره..و الاخضر السذاجة والغشم..
حقا لقد تغير كثيرا..اصبح ينتمى لطائفة اخرى من البشر.. طائفة يصعب عليها الاستمتاع بمثل هذه الجلسة الحميمة..طائفة البالغين..
ترك الاوراق ونزل السلم ومشى فى الشارع باتجاه القهوة..هذه هى الجلسة التى يندمج فيها الان..جلسات القهوة ..جلسات البالغين..