الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

إليها بعد ثلاثة وعشرون عاماً بالتقريب


إبنتي ،

أمام هذا الخطاب ما يقرب من الثلاثة وعشرون عاماً كي تطالعة عيناكي، اللتان أثق في أنهما جميلتان، لن أدعك تقرأيه طفلة لا تفهم حجم ما يخبرها به الكبار، ولن أجعلك تقرأيه مراهقة لا تستطيع مشاعرها ممارسة فعل الفرملة، يجب أن تكوني شابة تخطيت الواحد وعشرون عاماً حتى أخبرك بما جرى.

هل ترين الصورة المرفقة بالخطاب؟؟

تلك الباكية هي فيفيان، والجسد المسجى بجانبها هو مايكل خطيبها، كما ترين فيفيان تحتضن يد مايكل وتبكي، يمكنك بعد كل هذا العمر أن تسمعي الصراخ الخارج من الصورة، هل تسمعين نبضات قلبها الذي تضع يد ما يكل عليه للمرة الأخيرة؟ هل أنت أذكى مني وأوسع أفقاً لتخبريني كيف تشعر فيفيان؟ لأنني -والله العظيم- لا أتخيل ولا أستطيع استيعاب المشهد.

كنت أنا آخر جيل لحق بما تبقى من جملة "الدين لله والوطن للجميع"، أنا تقريباً آخر جيل لعب مع دينا التي أرتني صورة ربها في كتاب الدين المسيحي خلسة في حصة ميس وفاء، آخر جيل صادق فيه المسيحيين المسلمين بلا تساؤلات "مقرفة"، أنا آخر جيل لم يجد غضاضة في أن يرتدي سلسلة مفتاح الحياة دون التفكير في أنها تشبه الصليب، وآخر من اشترى الإنجيل من معرض الكتاب دون أن يخاف من أن تستنكر العيون الفعلة الشنعاء، أنا من الجيل الذي صدق دميان ومجد الدين وصداقتهم الأسطورية في روايات ابراهيم عبد المجيد.

أنا من آخر جيل سمى فيه المسلمين بناتهم بإسم إنجي دون تقريع من أحد.

أنا الجيل الذي عاش "يصهين" على الاحتقان الطائفي وينكر وجوده بشدة، أنا من الجيل الذي كان يتصل بعادل صليب كل كام شهر ليعزيه في ضحايا تفجيرات للكنائس وبعدها ضحايا لتبادل ضرب نار وبعدها للتعزية في ضحايا الجيش المسيحيين الذين تظاهروا لأنهم طالبوا بأن يبنوا دوراً للعبادة.

أنا من الجيل الذي تحمل فيه المسلمين مغبة أن يقول للمسيحيين "my name is khan and i'm not a terrorist" وتحمل ألا يصدقني الكثيرين، أنا من الجيل الذي بح صوته ينادي أن "اللي بيعملوا كدة ميفهموش حاجة فى الإسلام"، أنا من الجيل الذي ثقل قلبه بما يحدث ولم يجد ما يفعله سوى أن يولول على فيفيان في صمت أثناء البريك وأن يجدني الأوفيس بوي أبكي بحرقة دون سبب واضح في الصباح الباكر وأنا أنظر لشاشة الكمبيوتر.

ابنتي، أنا أرتدي اليوم بنطلون بني اللون وقميص أبيض وإيشارب بلون القهوة، في حقيبتي مصحف ومسبحة ولا أستطيع الالتزام بالصلاة طوال الوقت، أحمد الله كثيراً وأردد طوال الوقت جملة "البقاء لله"، لست متدينة جداً ولكنني أعرف حدود الله، أعرف أن ما يتحمله المسلمون قوي جداً، أعرف أن "وشنا إسود م المسيحيين" وأعرف أن الله سوف يعاقبني لأنني لا أجيد تحسين الصورة، ولا أستطيع مساعدة فيفيان ولم أستطع الحفاظ على حياة مايكل.

أنا مذنبة في حق نبيي محمد عليه الصلاة والسلام لأنني لم أوصل رسالته كما ينبغي، لأنني لم أستطع أن أمنع زميلي في العمل من التريقة عندما وجدني اشتريت إنجيل، ولم أستطع أن أحاجه كما ينبغي لأن فهمي قاصر، أعرف أن الله غاضب مني لأنني لم أستطع أن أخرس مديرتي التي تبغضني بلا سبب واضح عندما قالت لي أن "بس دة كفر ودة كتاب متحرف" ولم أرد عليها بنصوص تسكتها واكتفيت بأن قلت لها "أنا بتكلم في إنسانيات، مش من حقك تتريقي على معتقدات حد أياً كانت، ومينفعش يبقى معدي من جنبك واحد مسيحي ويسمعك بتتريقي على دينه".


والآن، هل يمكنك أن تكفي عن النظر لصورة فيفيان ومايكل وتخبريني لماذا تبكين بحرقة؟؟؟؟؟


........إنجي إبراهيم.........

هناك 7 تعليقات:

AHMED SAMIR يقول...

رااااااااااااااااااااااااااائع
الصورة دي مش عارف اقول لك عملت فيا ايه
و اللهي قطعت قلبي
انا كتبت بوست مخصوص عن الصورة دي و هينزل النهاردة ان شاء الله في مدونة الاغلبية الصامتة
اتمنى اعرف رأيك
تحياتي و احتراماتي

adel يقول...

وعادل صليب بيقولك هو من الجيل اللي هيغير البلد دي يا هيموت فيها :)

Tamer Nabil Moussa يقول...

مش اقول اية يانجى

الواحد مش عارف البلد بيحصل فيها كدة لية ولمصلحة مين

ربنا يرحمة هو وكل شهيد ويصبر الاهالى

مع خالص تحياتى

Brunette يقول...

الصورة دى جابتلى اكتئاب،انا بعمل انكار على طول على ان القصة اللى بتقولها الصورة حقيقية!
انجى،انتى انجى ابراهيم اللى كانت بتبعت لد.احمد خالد توفيق قصص مرعبة ن نفسها و فى الآخر تطلع اشتغالة؟؟ :D لو انتى انا مبسوطة اوى انى لقيتك،انا كان نفسى الاقى اى حد من بريد ما وراء الطبيعة فعلاً

Unknown يقول...

Burrnet

للأسف مش انا..التانية كان اسمها إنجي نبيل..أنا فاكراها كويس..بس انا من متابعي البريد يعني متقلقيش

باقى التعليقات..شكراً لتواصلكم يا جماعة..منورين

Foxology يقول...

راااائعة

تحياتى

zizi يقول...

انجي لا اجد ما اقوله اجمل مما كتبتيه فأكتفي بالصمت وادعوكي لزيارة سامي صبحي ابراهيم في مدونتي :اتمشى بين ضلوعي لعلني اكون قد اكملت معك سطورك لإبنتك ..تحياتي وشكري ..