الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

اضطراب


تجلس على المقعد الأقرب له، تستمع إليه وهو يشرح كيف يمكنها أن تنسق صفحات برنامج الوورد وكيف يمكنها أن تقوم بتكبير الخطوط وتصغيرها إلى آخر هذا الكلام الذي لا تفقه -ولا تريد أن تفقه- فيه شيء، تعطي ظهرها لباقي الزميلات وتتوجه ناحيته، تسأله كثيراً ويجيب عليها بسعة صدر تزيد من تعلق عينيها به.
.......................................................................
- إحنا هنروح ناخد كورس كمبيوتر عشان محتاجينه في الشغل، تعالي معانا أهو تشغلي وقتك.
- طب انتوا بتشتغلوا هاخده أنا ليه؟
- عشان لما جوزك يسافر تدوري انتي كمان على شغل، بدل قعدة البيت دي.
......................................................................
تلقي دعابات خفيفة وتنظر لوجهه في ترقب، وسيم هو، في الحقيقة هو وسيم جداً، خفيف الظل يرتدي ملابس بسيطة ويدخن بشراهة. هي أيضاً جميلة، بيضاء ممتلئة عيناها واسعتان وشفاهها وردية اللون دون طلاء، تتكلف قليلاً في ملابسها كي يظهر جمالها كما ينبغي أن يظهر، إكسسواراتها دائماً ما تعطي جسدها بهجة تراها حسداً في عيون زميلاتها.

تسأله عن كيفية تظليل الكلمات في نص يحتل صفحة وورد، يخبرها فلا تستطيع التنفيذ، يقترب ويبدأ في الشرح على شاشتها، تعترف داخلها أن عطره أخاذ، تغلق عينيها لثانيتين وتستنشق العطر مرة أخرى، ربما سحره يكمن فى اختلاطه برائحة سجائره. تمد يدها تلقائياً للإمساك بالفأرة في حين أنه لم يتركها بعد، يجفل من الحركة الغير متوقعة وينظر لها في استفسار فتبتسم بخبث وتدير وجهها ناحية الشاشة وتطلب منه أن يكمل الشرح.
.....................................................................

- طب انتي بيغمى عليكي كدة كتير؟
- مكنتش كدة أبداً..من ساعة ما اتجوزت بس..شكلي اتحسدت.
- إنتي متجوزة من زمان؟؟ شكلك لسة صغيرة.
- لسة مكملتش سنة.
...................................................................

ينفك الجمع من حولها بعدما تفيق ويعودون للاستماع له مرة أخرى، تظل تراقب وجهه لترى تأثير إغمائتها عليه فلا يمكنها استنطاق ملامحه، تريح رأسها على مسند الكرسي عدة مرات وتنظر له ربما تنطق عيناه بأي هلع، لا فائدة إطلاقاً، فقط سألها مرة قبل أن يستأنف الشرح إن كانت بخير.

تسأله في صوت واهن كيف يمكنها أن تعطي الصفحة إطاراً، وكالعادة يخبرها فلا تستطيع أن تنفذ فيقترب ويستخدم شاشتها، تبتعد بكرسيها عن الشاشة لتوسيع المجال له، يقترب ويبدأ في الشرح، تقرب الكرسي مرة أخرى ولا تنظر له وتبدأ في سؤاله أسألة لا تنتهي، يتحرج من اقترابها الشديد من جسده ويلخص إجاباته، ينظر لها فى كراهية وتنظر له فى انكسار، ثم يبتعد.

....................................................................

- يا بنتي مالك مكتئبة كدة..المفروض تكوني مبسوطة..الكورس اللي مش فاهمة منه حاجة قرب يخلص..وللا كل دة عشان جوزك قرب يسافر؟
- آه أكيد عشان قرب يسافر.
- طيب عموماً مش لازم تكملي المحاضرة، أنا اتصلت بيه وقلتله انك أغمى عليكي المرة دي كمان، وزمانه جاي.
- شكراً.
...................................................................

تدخل القاعة لتستأذنه فى الانصراف، يعطيها موافقته دون أن ينظر لها، تقترب أكثر وتلقي دعابة فينظر في ساعته يستحثها على الانصراف وتركه ليستأنف عمله، تجمع حاجياتها وتلتقط الكشكول والقلم، يسقط منها أمام قدميه ولا يعيرها هو أي اهتمام، تنحني لتلتقط القلم من أمامه تماماً ثم تنظر له في خجل يراه في عينيها للمرة الأولى، وترحل.

...................................................................

يدخل القاعة رجلاً تخطى العقد الرابع بقليل، أصلع الرأس تقريباً عيناه ضيقتان ووجهه أحمر ويلهث بشدة جراء تكوينه الجسماني الغير متناسق، يرتدي ترننج أصفر اللون غالي الثمن وساعة أنيقة كلاسيكية باهظة بدورها، على ملامحه طيبة شديدة تساعدها ملامحه الغريبة في أن يبدو لأول وهلة من ذوي الإعاقات العقلية حتى يبدأ في الكلام فتكتشف أنه اختير ليكون ضحية عيب خلقي يعطيه مظهراً غريباً بينما هو صحيح العقل تماماً.

يبحث بعيناه في أرجاء المكان، ثم يتوجه ناحيتها هاتفاً " إيه يا ماما مالك؟" تنظر له لحظات ثم تنفجر في البكاء.


........إنجي إبراهيم.............

هناك 6 تعليقات:

rona ali يقول...

لا اله الا الله

يعنى هى اتجوزت حد ليه مش مالى عينيها من الاول

بس بجد احداث منسقه بشكل مذهل يا انجى مش اول اجى اقرالك حاجه عجبنى هنا اوى :):)

AHMED SAMIR يقول...

راااااااااااااااااائعة
القصة طبعا اما البطلة
لم اتعاطف معها اطلاقا
بل ان مثلها لا يستحق الا اللعنة
كثير من الرجال يذهبوا ضحية لفراغ عين كثير من الزوجات كما العكس
تحياتي

nigro يقول...

حواديتك يا إنج من فرط جمالها ما ينفعش تتوصف غير بألفاظ من اللي بتخدش الحياء :)

Tamer Nabil Moussa يقول...

قصة رائعة وفى كتير لايملى عيونهم الا التراب

مع خالص تحياتى

Foxology يقول...

قصة واقعية جدا .. احترم مدرب الحاسب الآلى .. عدم استغلال ضعف اللى قدامك شجاعة واخلاق عالية

تحياتى

Ramy يقول...

الكل يحكم كما لو كنا قدسيين

مطهروون

و لا ندرى عن الأخرين شيئاً

...........

من منكم بلا خطية