
اشعر ان ذلك حدث فى حياة اخرى..ربما بعد آخر اذا كانت نظرية النسبية صحيحة..الخلاصة ان تلك الذكريات حتما لم تكن قريبة كما تزعم التواريخ والشواهد المنطقية..
حتما لم تكن جلستنا فى ممر القسم بالكلية على الارض مباشرة..ساندين ظهورنا الى الحائط منهمكين فى الضحك بصوت عالى جدا نتبادل حديثا غاية فى الخبث يتناول كل من يحيطون بنا من المنظور المنخفض من موقعنا على الارض..الضحكات المجلجلة فى انتظار حكم السماء وانقضاء الامتحان الشفوى..حتما تلك الجلسة كانت فى زمن آخر..اذكر تلك الايام جيدا واذكر ان اليوم كان يبدأ بداية غير مبشرة عندما نذهب الى اللائحة لنجد أن دكاترة القسم الساديين قد وزعوا على ثلاثتنا بالتساوى..فلن تفلت اى منا من دكتور يمارس عقده ونقائصه الشخصية بشكل او بآخر..ثم يتطور الموقف الى ضحكات لا تتوقف و مواقف غاية فى الخبث بيننا او كما كنا نقول وقتها (مسخرة و تهييس )..
حتما لم تكن جلستنا فى ذلك المطعم الحقير قرب الجامعة ومناقشاتنا التى تنتهى دوما الى نفس النتيجة (اتنين برجر ليا ..اربعة برجر ليكى..واحد برجر ليها..المهم انك تخلصى بسرعة متناميش عالاوردر والنبى وحياة اولادك) حتما كانت تلك الجلسة فى زمن آخر.. مناقشاتنا اثناء التهام الطعام عن تامر حسنى ومدى تفاهته او فيلم فرانكنشتاين الذى شاهدته كلتاكما ولم اشاهده انا حتى الان او اخر مغامراتها مع خطيبها الذى اصبح الان زوجها الموقر..او الكلام عن الكونت او ايا من تلك الذكريات الحميمة..حتما حدثت فى زمن آخر..
حتما لم يكن تمددنا على الرمال فى ذلك المعسكر فى صحراء مطروح ومشاهدة السماء و التفكير فى مكانية هبوطها حتى نموت مختنقين ثم عدولنا عن تلك الفكرة الحمقاء واستبدالها بعد النجوم ومحاولة تفسير اشكال الغيوم (دة فانوس سحرى..قال يعنى عمرك شفتى فانوس سحرى يا موكوسة ..ودة ديناصور بس شبه الدولفين..والنعمة هبلة زى ما بقول عنك دايما..دى بقى شبه القلب..آآآآآآه والله شبه القلب بالظبط)..حتما تلك الذكريات حدثت فى بعد آخر للزمن والمكان..
حتما لم يكن جلوسنا فى محاضرات تلك المجنونة او ذلك السادى كالمعلقين الرياضيين واقتناص كل الفرص للتعليق بسخرية على كلام الدكتور بصوت خفيض ثم رسم نظرة البراءة الطفولية على الوجوه عندما يستفسر عن سبب ضحك مجموعة من الحضور..حتما ذلك حدث فى زمن آخر..من غير المعقول ان تكون جولات البلوتوث بين ثلاثتنا اثناء انهماكهم فى الشرح حادث قريب..اكاد اجزم ان ذلك حدث فى زمن آخر..
حتما لم تكن تلك اللحظات التى نضبطها فيها متلبسة بمكالمته تحت الغطاء اثناء المعسكر ونحن من نظنها نائمة..او نوبات الضحك الغير مبررة عندما يأتى احد المسهوكين للاستفسار عن شىء خزعبلى..او جولاتنا داخل معارض السلع وتعليقنا على كل المنتجات سلبا نظرا لضيق ذات اليد..او انتظارنا لصدور المعجزة الالهية المسماة بالكتاب الجامعى..او دخولنا مكتبة الاسكندرية لنتناقش فى اشياء غاية فى الاهمية مثل القائمة التى عليها ان تشتريها لانها عروس او مثلا أخر اخبار اختها المعقدة نفسيا..يا الله..لن اؤكد ان ذلك حدث من زمن بعيد لانه بالفعل حدث منذ زمن بعيد..
فى تلك الايام كان تاكيدنا على حب ثلاثتنا لفيلم احلى الاوقات حقيقيا جدا..كان تفهمنا للحالة الموجودة داخل هذا الفيلم حقيقى جدا وكان يتجلى هذا التفهم عندما تقول احدانا للمرة المئة بعد الالف المعلومة التى نعرفها ثلاثتنا
(عارفين ..اكتر مشهد بحبه فى الفيلم دة هو مشهد الزنزانة..عارفين ليه؟؟ اصلى عارفة الحالة دى كويس )..
...........انجى ابراهيم..............